امتناع الزوج عن وطء الزوجة هل تطلق به المرأة؟

0 24

السؤال

أخي متزوج منذ عشر سنوات، ولم يعاشر زوجته في الأعوام الأخيرة إلا مرة، أو مرتين في السنة، مع العلم أنه إنسان كثير الصلاة والصيام، فهل هذا يعني أنها لم تعد زوجته؟ فقد ذهبت إلى بيت أهلها منذ سبعة أشهر، وتطلب الطلاق، وتخرج دون إذنه، ولا ترد على اتصاله، وأخبرت كل أهلها بأنه لا يعاشرها، ويهملها، ولا يحبها.
وهو نادم كثيرا، ويريد استرجاع زوجته، وابنته، فما حكم الدين في إهمال الزوجة، وعدم معاشرتها، وذهاب الزوجة إلى بيت أهلها، وخروجها دون إذن زوجها، وعدم موافقتها على إعطائه فرصة أخيرة لإصلاح ما بدر منه؟
وهو كل يوم يبعث لها رسائل ليعتذر، ويعبر عن حبه، رغم أنها فضحته، وأخبرت كل الناس عن مشاكلهم الزوجية، وهي لا تتكلم مع أمه وأبيه، ولا ترد على الهاتف إذا اتصلا عليها -سواء للتكلم معها أم للتكلم مع حفيدتهما-، فأمه تبعث رسائل صوتية تتوسل لها لكي تكلم حفيدتها، ولكنها لا ترد، وهي تحمل أبي وأمي مسؤولية عدم نصحها بالطلاق من قبل، رغم علمهما ورؤيتهما لابنهم الذي لا يهتم بزوجته.
وخلال جلسة عائلية للصلح؛ وجهت لهما أصبع الاتهام، وقالت: إنهما كانا يعلمان أن ابنهما لا يهتم بها، ولا يعاشرها.
ويقول زوجها: إنها خلال سبعة أشهر تحولت إلى أسد مفترس، ورغم ذلك؛ فهو متمسك بها، ولا يريد البوح عن أسرارهما الزوجية، تاركا لها المجال لتتكلم عنه، وعن أمه، ولا يرد على إساءتها.
توفي أحد أقاربها، فذهب لتأدية الواجب، فخرجت أمها من البيت؛ لكي لا تستقبله، ويتصل بالهاتف لتأدية واجب العزاء، فلا ترد.
أمها لا تريد أن تتحدث إليه، وإلى أهله، وهي تقول: ابنتي كبيرة، وليست قاصرة، وهي قادرة على اتخاذ قرارتها وحدها، فهل عدم المعاشرة يسقط واجب الزوجة تجاه زوجها؟ وهل يحق لها الخروج والدخول دون إذنه؟ وكيف يمكن إصلاح الوضع بين الزوجين؟ بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا على الجواب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فوطء الزوج لزوجته ليس شرطا لاستمرار العصمة الزوجية، بحيث إذا امتنع منه الزوج، أو عجز، تطلق الزوجة، أو تفسخ العصمة، بل تبقى المرأة في عصمة زوجها مهما قصر في أي حق من حقوقها، أو عجز عنه.

 والزوجية قائمة ما لم يطلق الزوج بنفسه، أو بوكيله، أو يطلق عليه القاضي. 

  ولكن الوطء حق للزوجة على زوجها، حسب رغبتها، وقدرته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها، وقدرته، وهذا أصح القولين. اهـ.

ولا يجوز للزوج ترك وطء زوجته مدة تتضرر فيها، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل المالكي: ولا حرج عليه أن ينشط للجماع في يوم هذه دون يوم الأخرى، اللهم إلا أن يترك الزوج وطء واحدة من زوجاته ضررا بها؛ فإنه لا يجوز له، ويجب عليه حينئذ ترك الكف. اهـ.

وعلى كل؛ فالمرأة لها الحق في طلب الطلاق من زوجها إذا تضررت من إهمال زوجها لها في الفراش.

فإن لم يزل عنها الضرر، ولم يطلقها، فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي. وللفائدة تراجع الفتوى: 116349.

وإذا كانت الزوجية قائمة، فمجرد ترك الزوج وطء زوجته، لا يسوغ لها الخروج من بيت زوجها بغير إذنه؛ لما رواه أبو داود، وغيره عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة

نعم، لو كان خروجها لتظلم، ونحوه؛ فلا حرج عليها في ذلك، قال الخطيب الشربيني: والنشوز يحصل بخروجها من منزل زوجها بغير إذنه، لا إلى القاضي لطلب الحق منه، ولا إلى اكتسابها النفقة إذا أعسر بها الزوج، ولا إلى استفتاء إذا لم يكن زوجها فقيها، ولم يستفت لها. اهـ.

وينبغي أن يتدخل العقلاء -من أهل الزوج، وأهل الزوجة- من أجل الإصلاح، ولا ينبغي لأي من الطرفين رفض الصلح؛ فقد ندب الشرع إليه، قال تعالى: والصلح خير {النساء:128}.

ويتأكد المصير إلى الصلح في حال كونهما قد رزقا الأولاد؛ لأن فراق الزوجين له عواقبه السيئة على الأولاد.

ولأجل ما قد يترتب على الطلاق من أضرار، ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأصل تحريم الطلاق، وأن جوازه للحاجة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. اهـ.

 وإن كانت هذه المرأة قد أفشت أسرار الحياة الزوجية لأهلها، فقد أتت أمرا منكرا، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 161969.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة