السؤال
هل تارك أغلب الصلوات لفترة طويلة، إذا تاب من تركها بأن أتى بشروط التوبة كاملة، مع كونه يقضي الفوائت، يغفر له؟
هل يدخل ضمن قوله تعالى: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات؟
هل ترتفع عنه جميع العقوبات التي ذكرت في تارك الصلاة، مثل العقوبة المذكورة في حديث: أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح. وإن فسدت فقد خاب وخسر. وغيرها من العقوبات على من كان في هذه الحالة؟
نعرف أن الرسول صلى الله عليه، وعلى آله، وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وقال: الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها. ونعلم أن الله قال: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون (الشورى: 25).
وقال ابن تيمية: نحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا شرعا ولا قدرا.
ولكن هذا في سائر الذنوب الأخرى. أما في هذه الحالة ففي النفس منها شيء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما وجه تفريق السائل بين ذنب ترك الصلاة وغيره من الذنوب؟! والحق أن من أتى بشروط التوبة كاملة، فقد أفلح وأنجح، أيا كان ذنبه. ولا فرق بين ترك الصلاة وغيره من الذنوب.
وأما الحديث الذي ذكره السائل، فليس فيه فساد صلاة من تاب من ترك الصلاة، وإنما فيه فساد عمل من فسدت صلاته، والتائب لا تفسد صلاته! لا سيما مع قضاء الفوائت -كما ذكر السائل- وهذا يدل عليه بقية الحديث، ولفظه: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته. فإن صلحت فقد أفلح وأنجح. وإن فسدت فقد خاب وخسر. فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك. رواه أحمد وأصحاب السنن.
فإذا كان هذا في التطوع، فما بالك بمن قضى الفوائت؟!
وعلى أية حال، فنحن لا نعلم أحدا من أهل العلم فرق بين ترك الصلاة وغيره من الذنوب في صحة التوبة منها، وقبولها بشروطها، وغاية ما هنالك أن أهل العلم قد اختلفوا في وجوب قضاء الفوائت، واشتراط ذلك لصحة التوبة، أما مع قضائها فلا خلاف.
قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار: لا تصح لمضيع الصلاة توبة إلا بأدائها، كما لا تصح التوبة من دين الآدمي إلا بأدائه. ومن قضى صلاة فرط فيها، فقد تاب وعمل صالحا، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. اهـ.
والله أعلم.