طاعة الأب في الشراء بالبطاقات الائتمانية ذات شرط غرامة التأخير في بلاد الغرب

0 16

السؤال

لدى أبي حساب في بنك ربوي، وبطاقة ائتمانية منه، ويستطيع أن يشتري بتلك البطاقة البضائع، لكن البنك يحدد مبلغا معينا لا يستطيع تجاوزه، والمقصود أنه يشتري كما يشاء، لكنه لا يدفع ثمن ذلك القرض إلا في اليوم الخامس من كل شهر، فإذا أتى ذلك اليوم، فإنه يدفع سعر كل ما اشترى في ذلك الشهر، وإذا تأخر عن سداده، فإنهم يأخذون غرامة -أي ربا-.
أبي يأمرني في كثير من المرات أن أشتري له أشياء يحتاجها -طعام، أو دواء، أو غير ذلك-، ويعطيني تلك البطاقة لشراء الأشياء، فهل أنا آثم في الشراء بهذه البطاقة نيابة عن أبي، حتى ولو كان أبي يسدد القرض في الوقت المسموح به؛ وحينئذ لا يأخذون منه ربا؟ وإذا كنت لا أدري هل يسدد في الوقت أم لا، فهل علي أن أسأله؟ وإذا كان كل ذلك حرام، فما البديل؟ وهل يجوز أن أذهب إلى المصرف قبل الشراء وأسحب المال نقودا من حسابه بهذه البطاقة الائتمانية، ثم أشتري له ما يحتاجه بالنقود بدلا من البطاقة؟ وحينما أسحب النقود بهذه البطاقة الائتمانية، فهذه النقود تؤخذ مباشرة من رصيده الموجود لدى البنك، فلا يحصل قرض، فهل هذا البديل جائز، أم لا يجوز لي أن أشتري بالبطاقة، أو أسحب المال قبل الشراء بالبطاقة، ثم أشتري بالنقود؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل أن استعمال البطاقات الائتمانية ذات شرط غرامة التأخير، لا يجوز، حتى مع العزم على عدم التأخر في السداد، جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم: (108): لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني. اهـ.

لكن للمقيمين في بلاد الغرب رخصة في استعمالها؛ لمكان الحاجة إلى ذلك، وعدم توفر البدائل المباحة، والقاعدة الشرعية تقول: إذا ضاق الأمر اتسع.

لكن يجب سداد المبلغ المطلوب قبل نهاية المدة الممنوحة لصاحبها؛ حتى لا تترتب عليه فوائد التأخير، فيدخل في إثم مؤكل الربا، جاء في فتوى المجلس الأوربي للإفتاء حول استخدام بطاقة الفيزا:

وكان الجواب: أنه (في عدد من البلاد الإسلامية قامت المصارف الإسلامية بإصدار (بطاقة فيزا) شرعية، خالية من الشبهات، بعيدة عن الفوائد، واحتمالاتها ... وهذه لا حرج في استخدامها بعد أن أجازتها هيئات الرقابة الشرعية في تلك البنوك.

ولكن يبقى السؤال عن وضع هذه البطاقات خارج العالم الإسلامي، وفي البلاد التي لا توجد فيها بنوك إسلامية: ما حكم هذه البطاقات؟

والذي عليه الفتوى من أكثر علماء العصر فيما نعلم، هو: إجازة استخدامها للحاجة الماسة إليها، مع لزوم تسديد الحساب المطلوب قبل نهاية المدة الممنوحة له؛ حتى لا تترتب عليه فوائد التأخير؛ فيدخل في إثم مؤكل الربا.

وهو الذي جرى عليه تعامل عامة المسلمين في بلاد الغرب، من غير نكير عليهم من أحد يعتد به. اهـ.

وبناء على هذا؛ فما دمتم تقيمون في الغرب؛ فلا مانع من استعمالك بطاقة أبيك الائتمانية في الشراء له، إلا إذا علمت أنه يتأخر في السداد حتى تفرض عليه غرامة التأخير؛ فحينئذ يترجح أنه لا يجوز لك استعمال البطاقة؛ لئلا تعين على معصية الربا.

وأما قولك: (وإذا كنت لا أدري هل يسدد في الوقت أم لا، فهل علي أن أسأله؟): فإنه يحسن أن تتأكد من والدك، وتؤكد عليه في السداد في الوقت المحدد، واتقاء التأخير. 

وأما وجوب سؤاله؛ فالظاهر أنه لا يجب؛ لأن الغالب في مستعملي البطاقات هو عدم التأخر في السداد؛ فرارا من ترتب الغرامة -حتى ممن لا يبالي بحرمة الربا-.

وأما قولك: (هل يجوز أن أذهب إلى المصرف قبل الشراء وأسحب المال نقودا من حسابه بهذه البطاقة الائتمانية، ثم أشتري له ما يحتاجه بالنقود بدلا من البطاقة؟ وحينما أسحب النقود بهذه البطاقة الائتمانية، فهذه النقود تؤخذ مباشرة من رصيده الموجود لدى البنك، فلا يحصل قرض، فهل هذا البديل جائز، أم لا يجوز لي أن أشتري بالبطاقة، أو أسحب المال قبل الشراء بالبطاقة، ثم أشتري بالنقود؟)

فإنه لا يجوز لك مثل هذا التصرف بغير إذن والدك؛ فقد يترتب على السحب رسوم مالية، وقد يفوت على والدك مصالح مختصة بالشراء عبر البطاقة، وأنت مجرد وكيل عن والدك، والوكيل لا يتصرف إلا في حدود إذن الموكل، قال ابن قدامة في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن؛ فاختص بما أذن فيه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات