الانتفاع بالفوائد المترتبة على الوديعة في البنك الربوي

0 11

السؤال

كنت في السنة الأولى من الجامعة، ولم أكن أعلم أن جدي -رحمه الله- كان قد أودع مبلغين لي ولأخي في أحد البنوك الربوية -خمسة آلاف جنيه لكل منا-، وذلك منذ طفولتنا، على سبيل الهبة، وجدي نحسبه على خير، ولكنه ربما كان يأخذ بفتوى دار الإفتاء في بلدنا بجواز الودائع في تلك البنوك.
وفي تلك السنة حان وقت سحب الوديعتين بعد مرور عدة سنوات، بأضعاف مضاعفة - 32000 جنيه لكل منا-، ولم أكن أعلم حكم تلك البنوك آنذاك.
بعدها اقترح والدي أن أتنازل له عن ذلك المال؛ لكي يضيفه إلى مبلغ أخي، ويزيد عليه مبلغا من عنده؛ لشراء شقة لأخي في نفس العمارة التي نسكن فيها ليتزوج فيها مستقبلا؛ مقابل أن يمنحني شقة من الشقتين التي نسكن فيهما؛ فقد كنا نسكن في شقة مكونة من طابقين بسلم داخلي، وتم الاتفاق على أنني سأتملك إحداهما مستقبلا؛ وبذلك يكون قد حقق العدل بيننا.
بعد فترة قصيرة علمت حكم تلك البنوك، فنصحت أبي بأن هذا المال فيه ربا، فقال لي: ما عليك، فأنت استغنيت عن وديعتك لصالح أخيك، وأظن أن والدي لم يكن قد اشترى الشقة لأخي بعد، ولكنه لم يأخذ بنصيحتي، واشترى الشقة لأخي بالفعل، وتزوج فيها.
أبي لم يتورع عن أخذ هذا المال ربما تساهلا؛ لوجود بعض الفتاوى التي سبق أنها تبيح ذلك، وبعدها تملكت إحدى الشقتين التي كنا نسكن فيهما -كما هو متفق عليه-، فهل على أحد منا إثم -سواء جدي، أم أبي -رحمهما الله-، أم أنا، أم أخي-؟ جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن وضع هذه الوديعة، ومن أخذ فوائدها الربوية، إن كان معتقدا حلها -بناء على فتوى من يثق به من أهل العلم-؛ فهو معذور بجهله، وتقليده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه الألباني.

قال القاري في (مرقاة المفاتيح): يعني: كل جاهل سأل عالما عن مسألة، فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها، ولم يعلم بطلانه؛ فإثمه على المفتي، إن قصر في اجتهاده. اهـ.

وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): المعنى: من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب، والسنة، والاستدلال؛ كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد. اهـ. 

وأما من وضعها، أو أخذها، وهو يعلم بالحرمة، ومعتقدا خطأ هذه الفتوى، ولكنه عمل بها اتباعا لهواه؛ فلن تغني عنه شيئا، وعليه إثمه.

والفوائد الربوية يجب التخلص منها بإنفاقها في سبل الخير، وبذلها للفقراء، والمساكين.

ولو كان آخذها فقيرا محتاجا؛ فله أن يأخذ منها بقدر حاجته؛ مثله مثل بقية الفقراء، وراجع في ذلك الفتوى: 400795.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات