من علّق الطلاق على عدم إخبار الزوجة بأي رسائل مع الرجال ثمّ أعلمته أن أحدهم راسلها خطأ

0 18

السؤال

أنا عاقد، ولم أدخل بزوجتي، وكان قد حصل موقف مع أحد أقاربنا قبل خطبتنا بخصوص دراستها، وكانت تسأله في البيت وجها لوجه، فسألتها ونحن نتحدث على الهاتف إن كان حدث بينهما كلام في رسائل الفيس بوك، فردت: لا، تحت القسم، فعممت السؤال: هل أرسل أحد من قبل رسائل أيا كانت؟ فقالت: لا، وحلفت عليها بالطلاق إن كانت تخبئ عني شيئا، فتكون طالقا؛ فأكدت بأنه لا يوجد شيء، وفسرت لها أنه طلاق معلق، إن تعمدت عدم إخباري، فيقع حينها، وحذرتها أني سأحلف يمين طلاق غير معلق أنها لو كانت تكذب فيما قالت فتكون طالقا بالثلاث، فأكدت الإجابة بالنفي.
وبعدما أنهينا المكالمة أرسلت لي رسالة أن أخا زوج أختها أرسل رسالة لها سابقا بالخطأ، واعتذر، وهي لم ترد، وأقسمت على ذلك، وعندما تناقشنا، وقلت لها: إن الحلف طلاق بالثلاث كان على أنها لو كانت تكذب فيما قالت، وكان تبريرها أنها كانت تنتظر أن ننهي المكالمة، وترسل لي مباشرة، فما حكم الطلاق؟ وهل يقع بالثلاثة أم لا؟ أرجوكم أفيدونا -أثابكم الله-؛ فموعد زفافنا قريب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد سبق أن نبهنا في كثير من الفتاوى على خطأ بعض الأزواج في سؤال زوجته عن ماضيها، وحملها على الاعتراف بما وقعت فيه من المعاصي، وبينا أن هذا مسلك منحرف، مخالف للشرع، ومشتمل على كثير من المفاسد.

كما بينا أن الأصل إحسان الظن، وعدم تتبع العورات، وأن يستر المسلم على نفسه، وعلى غيره، وأن المعول عليه حال الزوج أو الزوجة في الحاضر؛ فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

والذي فهمناه من سؤالك؛ أنك علقت طلاقك زوجتك على عدم إخبارك بأي رسائل سابقة بينها وبين الرجال، وهددتها بأن تنجز الطلاق ثلاثا في حال كذبها عليك، فأخبرتك أنه لم يحصل بينها وبين أحد مراسلة، ثم أرسلت إليك رسالة تخبرك فيها أن أخا زوج أختها كان قد أرسل إليها رسالة خطأ ثم اعتذر.

فإن كان الحال هكذا؛ فمجرد التهديد بالطلاق الثلاث؛ لا يترتب عليه طلاق؛ لأن الطلاق لا يقع بالوعد به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: الوعد بالطلاق، لا يقع، ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد، ولا يستحب. انتهى.

وأما الطلاق الذي علقته؛ فإن كان عدم إخبار زوجتك بالرسالة التي أرسلها إليها أخو زوج أختها؛ داخلا فيما علقت عليه طلاقها؛ فالمفتى به عندنا في هذه الحال؛ وقوع الطلاق واحدة، وما دمت لم تدخل بزوجتك، فقد بانت منك بتلك الطلقة، وليس لك رجعتها إلا بعقد ومهر جديد، وراجع الفتوى: 242032.

وهذا الذي نفتي به في الطلاق المعلق هو مذهب جماهير العلماء، لكن ذهب بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى عدم وقوع الطلاق؛ إذا كنت لم تقصد إيقاعه، ولكن قصدت بالتعليق التهديد، أو التأكيد، ونحوه، وأن عليك بالحنث فيه كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592.

لكن إذا كانت زوجتك لم تخبرك بهذه الرسالة أولا؛ بسبب نسيانها إياها، أو بسبب أنها تأولت عدم دخولها في يمينك؛ فالراجح عندنا في هذه الحال عدم الحنث، وعدم وقوع الطلاق، وراجع الفتوى: 195387.

وأما إن كان عدم إخبار زوجتك بتلك الرسالة؛ غير داخل فيما علقت عليه الطلاق، لكونك مثلا قصدت بالرسائل ما كان متبادلا، أو ما كان على سبيل الغزل، ونحو ذلك؛ ففي هذه الحال؛ لا تحنث في يمينك، ولا يقع طلاقك؛ لأن الراجح عندنا أن النية في اليمين تخصص اللفظ العام، وراجع الفتوى: 35891.

وما دام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم؛ فنصيحتنا لك أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم، وعلمهم في بلدك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة