الشك في التسبّب في موت المريض

0 22

السؤال

أعمل في نوبة ليلية في مأوى للعجزة، وفي يوم من الأيام كنت أعمل مع زميلة لي في نفس القسم، وعندما يعمل شخصان يدخلان على المرضى، ويشرفان عليهم -من دواء، أو قضاء حاجة-، وفي ذلك اليوم جئت إلى عملي، وكنت متأخرا قليلا، وزميلتي هي من أخذت التقرير كاملا عني، وبدأنا عملنا، وكان لدنيا مريض مصاب بمرض عقلي؛ فبدأنا بمراقبته، وفي نفس الوقت كنا نزور المرضى الآخرين، وفي تلك الليلة كان لدينا مريض يستفرغ من المساء، ولم يستدع زملائي له الممرض الرئيس، مع العلم أنه كان لدينا فيروس في قسمنا أصيب به المرضى في الوقت ذاته -من استفراغ، وإسهال-، وبدأنا العمل، وكنا اثنين، وكل منا يدخل على مريض، ويرى حاجته؛ حتى نويت الدخول عليه، وكنت أتحدث مع زميلتي، فقالت لي: أنا كنت في زيارته، وهو في حالة جيدة -أي أنه بحالة طبيعية-، والساعة 12 ونصف ليلا كانت زميلتي عنده، وسألته هل له حاجة، فتكلم معها المريض بشكل طبيعي، وقال: لا أريد شيئا.
وفي الساعة 3 صباحا نظرت إليه زميلتي من خارج الغرفة، ولم تلحظ شيئا، أو استفراغا من فمه، مع العلم أن سريره كان من جهة رأسه للأعلى؛ تحسبا أن يستفرغ.
والساعة الخامسة بدأنا العمل، وهذا من نظام عملنا، وبدأنا نساعد المرضى، حتى وصلنا إليه في الساعة السادسة، وكان يحتضر، فاتصلنا بالإسعاف، ولكنه توفي، فما الحكم؟ وهل هذا قتل غير عمد، أم إهمال؟ وهل يجب أن ندفع كفارة، مع صوم شهرين، أم إن هذا وسواس من الشيطان؟
أنا لم أزره حتى وفاته، ولم نتعرض للمساءلة -لا من أهل المريض، ولا من المستشفى-، ونزور المرضى مرتين أو ثلاثا في الليلة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته في السؤال يقتضي قيامكم بعملكم على وجهه، وأنه لا تقصير منكم حول هذا المريض، حسبما يظهر. 

ومن ثم؛ فلا إثم عليكم في موته، ولا كفارة؛ فالأصل براءة الذمم من الحقوق؛ حتى يتبين ويعلم موجب لثبات الحقوق في الذمم.

والشك في التسبب في موت المريض؛ لا يترتب عليه شيء، ولا يوجب كفارة، ولا دية، قال ابن حزم في المحلى: إن شكت أمات من فعلها أم من غير فعلها؟ فلا دية في ذلك، ولا كفارة؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه، ثم على شك أمات من فعلها أم لا، والأموال محرمة إلا بيقين. اهـ.

وقال الجويني في غياث الأمم: كل ما أشكل وجوبه؛ فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين؛ فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات، والحقوق الخاصة والعامة. اهـ.

والظاهر أن هذه وساوس؛ فأعرض عنها، ولا تسترسل معها، فلم يكن منك ما يستوجب الإثم والضمان فيما ذكرت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة