السؤال
أعيش في بلد غير إسلامي، فما حكم شراء سيارة من بنك ربوي عند الضرورة؟ فما أدفعه لسيارة الأجرة لأذهب بابني إلى المدرسة هو أجرة عامل شهرا كاملا، أو ثمن سيارة جديدة، دون احتساب بعض المشاوير التي لها أهمية أخرى، وأنا الآن عاطل على العمل، لأن عملي يحتاج لوسيلة نقل، فنرجو منكم الدعاء.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك السداد والرشاد وتسهيل أمرك وكشف كربتك، وأما عن حكم ما سألت: فإن كان البنك الربوي سيقرضك ثمن السيارة بفائدة ربوية ـ وهذا هو المتبادر ـ فلا يجوز ذلك إلا لضرورة تبيح ارتكاب المحظور، وقد قال تعالى: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه {الأنعام:119}.
وتعرف الضرورة بأنها: بلوغ المكلف حدا إن لم يتناول الحرام هلك، أو قارب على الهلاك، قال بعض أهل العلم مبينا حد الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة، بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو- أي: عضو من أعضاء النفس - أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، وتوابعها، ويتعين، أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته؛ دفعا للضرر عنه في غالب ظنه، ضمن قيود الشرع. انتهى من نظرية الضرورة الشرعية.
وما ذكرته من كون أجرة السيارة تساوي ثمن سيارة جديدة، وأن عملك يحتاج وسيلة نقل، كل ذلك لا يعتبر ضرورة يبيح ارتكاب المحظورة ـ فيما يظهرـ فكراء السيارة وإن بأجرة كبيرة تندفع به تلك الحاجات ما دام مقدرورا عليه ولا يلحق المكلف به مشقة لا تحتمل، حتى يتمكن المرء عن طريق معاملة مباحة من شراء سيارة تؤدي الغرض ولو لم تكن جديدة، والبدائل المباحة كثيرة لمن تحراها وابتغاها، لكن الشيطان قد يزين الحرام ويسد السبل في وجه المرء حتى يخيل إليه أنه لا وسيلة لما يريد غير الحرام، ليوقعه فيه، وقد قال تعالى: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم {البقرة:268}.
والله أعلم.