السؤال
الرجاء التكرم بتوضيح الرأي الشرعي في إجراء عملية جراحية، والطبيب الجراح يوفر خدمة الدفع بالتقسيط لمدة سنة، أو أكثر في حال عدم القدرة على دفع تكلفة العملية جملة واحدة، وذلك إما عن طريق فيزا المرتبات، أو المشتريات، وبالتالي ستزيد التكلفة بنسبة يحددها الطبيب عما إذا كان سيتم الدفع الفوري، فهل يعتبر إجراء تلك الجراحة تشوبه حرمة لو تم تقسيط التكلفة؟ أم يعتبر معاملة ربوية؟.
وجزاكم الله كل خير ونفع بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم العقد من البداية على هذا الوصف من تقسيط الأجرة، فلا حرج في ذلك، ولو كانت الأجرة الآجلة أكثر من العاجلة، كما هو الحال في البيع الآجل، فإن الإجارة أخت البيع في الأحكام، والأجل له حصة من الثمن، فكذلك في الأجرة، وهذا إن عقدت الإجارة مع هذا الطبيب بعينه لإجراء العملية ـ إجارة عين ـ أما إن عقدت على مجرد إجراء العملية على يد أي طبيب مختص، فهي إجارة في الذمة، جاء في الموسوعة الفقهية: قسم جمهور الفقهاء الإجارة باعتبار محل تعلق الحق في المنفعة المعقود عليها إلى قسمين:
إجارة واردة على العين، وإجارة واردة على الذمة.
أ - فالإجارة الواردة على العين: يكون الحق في المنفعة المعقود عليها متعلقا بنفس العين، كما إذا استأجر شخص دارا أو أرضا، أو سيارة معينة، أو استأجر شخصا بعينه لخياطة ثوب، أو بناء حائط، ونحو ذلك، وهذا النوع من الإجارة لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يشترط فيه قبض الأجرة في المجلس، لصحة العقد، أو لزومه، أو انتقال ملكية المنافع فيه، وذلك لأن إجارة العين كبيعها - إذ الإجارة بيع للمنفعة في مقابلة عوض معلوم - وبيع العين يصح بثمن حال ومؤجل، فكذلك الإجارة.
ب - أما الإجارة الواردة على الذمة: فيكون الحق في المنفعة المعقود عليها متعلقا بذمة المؤجر، كما إذا استأجر دابة موصوفة للركوب، أو الحمل، بأن قال: استأجرت منك دابة صفتها كذا، لتحملني إلى موضع كذا، أو قال: ألزمت ذمتك خياطة هذا الثوب، أو بناء جدار صفته كذا، فقبل المؤجر.
وقد اختلف الفقهاء في وجوب تسليم الأجرة فيها في مجلس العقد على أقوال، سبق ذكرها في الفتوى: 135463.
وعلى كل، فالخلاف فيها ليس بسبب الزيادة للأجل، وإنما بسبب كون كل من المنفعة ـ وهي العملية الجراحية في هذه المسألة ـ في ذمة المستأجر، والأجرة أيضا في ذمة المستأجر، وهو في المثال المريض.
والله أعلم.