مشقّة العمل لا تبيح الكذب والتحايل والخديعة

0 12

السؤال

شكرا على ما تقومون به في خدمة الأمة الإسلامية.
أنا أعمل في وظيفة تعتبر شاقة مقارنة بالوظائف الأخرى؛ لأنها تعتبر أن الإنسان يجب أن يكون آلة، خاصة الرتب الدنيا.
وأحيانا أتحايل -كأن أنام في الليل، أو أقول للمسؤول: إني أقوم بدورية، وأنا لا أفعل ذلك، أو أكذب في بعض الأوقات للنجاة من العقوبة، أو المجيء متأخرا-؛ لأني أعتبر أنه لو كان من راتبي 80 بالمائة حلال؛ فهذا جيد. وشكرا على سعة صدركم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فجزاك الله خيرا على حرصك على الحلال، وخوفك من الوقوع في الحرام، ونسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب؛ إنه سميع مجيب.

وأما ما سألت عنه، فجوابه: أن مشقة العمل لا تبيح الكذب، ولا التحايل، والخديعة، والخيانة، فهذه أوصاف وأخلاق ليس للمسلم أن يتصف بها، ويلزم الكف عن ذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... من غش؛ فليس مني. وفي صحيح ابن حبان: من غشنا؛ فليس منا. والمكر والخداع في النار.

وورد النهي صريحا عن قول الزور، وفعل الزور.

وعليه؛ فإن استطعت أداء العمل على وجهه؛ فلا بأس، واستمر فيه، إن شئت.

وإن طرأ عليك عذر، واحتجت للراحة؛ فاستئذن المسؤول، فإن أذن لك؛ فبها ونعمت، وإلا فليس لك التحايل عليه بالكذب، والخديعة.

ونيتك أن تكون نسبة من راتبك حلالا، ونسبة قليلة محرمة؛ لا يبيح لك ذلك الكذب، والحرام شؤمه خطير، وعواقبه وخيمة.

واعلم أن وسائل الكسب المباح كثيرة لمن تحراها وابتغاها، ومن اتقى الله تعالى؛ يسر أمره، ورزقه، كما قال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:2-3}، وقال تعالى: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا {الطلاق:4}، وقال تعالى: إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون {النحل:128}.

وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن روح القدس نفث في روعي إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب. وهو في الحلية لأبي نعيم عن أبي أمامة -رضي الله عنه، وعزاه ابن حجر لابن أبي الدنيا، وذكر أن الحاكم صححه من طريق ابن مسعود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة