السؤال
أريد أن أعرف حكم هذا التصرف: إذا رفضت أن تستعمل أختي أدواتي الخاصة مثل اللاب توب- الحاسوب المحمول- مثلا، مع العلم أنها تمتلك واحدا، لكنها دائما تحب استعمال أدوات الآخرين، ولا ترضى بأشيائها. فأحس أن لديها طمعا، واستغلالا لممتلكات الآخرين.
وأيضا لا تحافظ على الأشياء. فهل أكون آثمة إذا رفضت أن تستعمل أدواتي، وأكون ممن يمنعون الماعون؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا إثم عليك إذا منعتها إعارة اللابتوب، ولا يعتبر هذا من منع الماعون الذي رهب الشرع منه.
فقد ذكر أهل العلم أن ما تجب إعارته، ويأثم من منعه، هو: ما اضطر إليه المستعير، أو احتاج إليه حاجة ماسة. وأما ما سوى ذلك، فلا يأثم من منعه.
قال ابن رشد في المقدمات الممهدات: إعارة المتاع من عمل المعروف، وأخلاق المؤمنين، فينبغي للناس أن يتوارثوا ذلك فيما بينهم، ويتعاملوا به ولا يشحوا به ويمنعوه.
ومن منع ذلك وشح به، فلا إثم عليه، ولا حرج؛ إلا أنه قد رغب عن مكارم الأخلاق ومحمودها، واختار لئيمها ومذمومها. لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه.
والماعون الذي توعد الله على منعه في قوله -عز وجل-: {فويل للمصلين} [الماعون: 4] {الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون: 5] {الذين هم يراءون} [الماعون: 6] {ويمنعون الماعون} [الماعون: 7]، إنما هو الزكاة المفروضة، هذا الذي ذهب إليه مالك -رحمه الله- وجمهور أهل العلم.
وقد روي عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، أنهما قالا هو: عارية متاع البيت الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم من الفأس، والدلو، والحبل، والقدر، وأشباه ذلك.... اهـ
وقال البهوتي -رحمه الله- في "الروض المربع": ومن اضطر إلى نفع مال الغير، مع بقاء عينه: كثياب لدفع برد، أو حبل ودلو لاستقاء ماء ونحوه؛ وجب بذله له، أي: لمن اضطر إليه، مجانا، مع عدم حاجته إليه؛ لأن الله -تعالى- ذم على منعه بقوله: ويمنعون الماعون. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في "الشرح الممتع": وقد تجب العارية أحيانا ... كإعارة شخص رداء يدفع به ضرر البرد، فهذه واجبة، فلو طلب منك شخص في برد شديد أن تعطيه رداء يلتحف به، وجب عليك أن تعطيه.
وضابط ذلك: أنه متى توقف عليها إنقاذ معصوم؛ صارت واجبة.
ومن ذلك عند كثير من العلماء إعارة المصاحف؛ لأن المصحف يجب أن يبذل لمن أراد أن يتعلم به.
ومن ذلك ـ أيضا ـ إعارة الكتب التي يحتاج إليها الناس، فتجب إعارتها.
لكن يشترط في ذلك ضرورة المستعير، وعدم تضرر المعير؛ فلو قال المعير فيما إذا طلب منه استعارة مصحف: إني لو أعطيت هذا الرجل مصحفا لأفسده، فإنه لا تجب عليه الإعارة، وكذلك لو قال: إن أعطيته الكتاب أفسده، فلا تجب الإعارة؛ لأن فيها ضررا على المعير. انتهى.
وراجعي -للمزيد في الماعون وحكم إعارته- الفتويين: 400573، 53106.
والله أعلم.