السؤال
قبل فترة، اضطررتُ إلى السفر بسبب العمل، فقام صديقي باستعارة دراجتي الهوائية بغرض استخدامها مؤقتًا إلى حين عودتي. وكانت الدراجة في حالة جيدة وصالحة للاستعمال.
وخلال فترة غيابي، تعطّلت الدراجة معه أكثر من مرة، فأجرى بعض الإصلاحات من تلقاء نفسه، وتحمّل تكاليفها. وبعد عودتي، طالبتُه بإعادة الدراجة، لكنه اشترط عليَّ دفع التكاليف التي أنفقها على إصلاحها. فما حكم الشرع في هذه المسألة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حدثت هذه الأعطال بسبب التعدي في استعمال الدراجة، فضمانها على المستعير، وأمَّا إذا استعملها المستعير استعمالاً معتادًا في حدود إذن المعير له، فتلف شيء من أجزائها، فقد اختلف أهل العلم في وجوب ضمانها على المستعير، فمن أهل العلم من لا يوجبه عليه.
قال النووي في روضة الطالبين: إذا تلفت بالاستعمال المأذون فيه، بأن انمحق الثوب باللبس، فلا يجب ضمانه على الأصح، كالأجزاء ... وإذا تلفت الدابة بسبب الركوب والحمل المعتاد، فهو كانمحاق الثوب، وتعييبها به كالانمحاق. اهـ. وراجع في تفصيل ذلك، وبيان أقوال أهل العلم، الفتويين: 9287، 65886.
وإذا وجب الضمان على المستعير، فلا إشكال في أنه لا يطالب المعير بما أنفق، وأمَّا إذا لم يجب عليه الضمان، فأراد أن ينفق في إصلاح التالف الذي لا يجب عليه إصلاحه، فعليه أن يستأذن المعير، وإلا لم يلزم المعير أن يرد عليه نفقته التي أنفقها دون إذنه. فقد تكلم الفقهاء عن النفقة على العارية إن كانت تحتاج نفقة -كالدابة- وأكثرهم على أن نفقتها على المستعير.
قال ابن عابدين في رد المحتار: علف الدابة على المستعير. انتهى.
وجاء في المبسوط للسرخسي: المنفعة هناك للمستعير دون المعير، فيقال: إما أن تنفق ليُنتفع به، وإمّا أن ترده على صاحبه لينفق على ملكه. انتهى.
وحتى من قال بوجوبها على المعير، يشترط على المستعير إذا أراد أن ينفق في غيبة المعير، دون إذنه ويريد الرجوع بما أنفق، أن يرفع الأمر للقاضي.
قال العمراني في البيان في مذهب الإمام الشافعي: إذا استعار حيوانًا، فإن أذن المعير للمستعير بالإنفاق عليه، فأنفق عليه.. رجع عليه بما أنفقه؛ لأنه أخرجه بإذنه، وإن لم يأذن له في الإنفاق عليه.. فللمستعير أن يرفع ذلك إلى الحاكم. انتهى.
وإذا كان هذا في حكم النفقة التي لا بد منها، ولا تستغني عنها العين المعارة، فالنفقة على إصلاح الدراجة أولى؛ لأن مالكها يمكنه تركها على حالها، أو إصلاحها بنفقة أقل، أو نحو ذلك، فإذا أصلحها المستعير لمصلحة نفسه لم يلزم المعير رد كلفة الإصلاح.
والله أعلم.