السؤال
هل مؤخر الصلاة عمدا يجب عليه أن يغتسل قبل أن يصلي؟ أم يكتفي بقضاء الصلاة التي تركها؟ علما بأنني قبل أن يهديني الهادي كنت أغتسل من الحيض، وأترك الصلاة يوما، أو يومين، وأعود لأصلي بلا غسل، فما حكم ذلك؟ وما حكم الذي يؤخر الصلاة حتى خروج الوقت، أو يجمع الصلوات؟ وهل عليه أن يغتسل، حيث أرى أن في ذلك مشقة، لأنني اليوم غسلت وجهي، وأسناني، فإذا بنور الفجر قد طلع، مع أنني تعمدت الاستيقاظ للصلاة؟ وما حكم ذلك؟ وهل علي الاغتسال؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن ترك الصلاة، والتهاون بها، والتكاسل عنها حتى يخرج وقتها من غير عذر شرعي، يعتبر ذنبا عظيما، وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ عمن ترك صلاة واحدة عمدا، بنية أنه يفعلها بعد خروج وقتها قضاء، فهل يكون فعله كبيرة من الكبائر؟ فأجاب: الحمد لله، نعم تأخير الصلاة عن وقتها الذي يجب فعلها فيه عمدا من الكبائر. اهـ.
وقال أيضا في منهاج السنة: فمن فوت صلاة واحدة عمدا، فقد أتى كبيرة عظيمة، فليستدرك بما أمكن من توبة، وأعمال صالحة، ولو قضاها، لم يكن مجرد القضاء رافعا إثم ما فعل، بإجماع المسلمين. اهـ.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها أنه يكفر، ولعلك تقصدين هذا القول حين سألت: هل يلزمك الغسل بسبب تضيع الصلاة ليوم، أو يومين؟ باعتبار ذلك كفرا، والكافر يلزمه الغسل عند دخوله الإسلام، كما هو قول بعض أهل العلم، لكن المفتى به عندنا أن ترك الصلاة كسلا، لا يعتبر كفرا مخرجا من الملة، وهو قول جمهور أهل العلم، وقد سبق أن ذكرنا أقوال العلماء في ذلك في الفتوى: 130853.
وعليه؛ فلا يلزمك تجديد الغسل لأجل قضاء الصلاة التي لم تصليها في وقتها، بل يكفيك الوضوء فحسب.
لكن احذري كل الحذر من التهاون بالصلاة، وتضييعها، فقد نقل ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه الصلاة، وأحكام تاركها، عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه قال: فكل مستخف بالصلاة، مستهين بها، فهو مستخف بالإسلام، مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام، على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف .انتهى.
فأمر الصلاة، وشأنها في الإسلام عظيم، فجاهدي نفسك على أدائها في وقتها المحدد لها شرعا، مع حفظ شروطها من طهارة، وستر عورة، وغيرها، حتى تجدي حلاوتها.
نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم: أن يحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر، والفسوق والعصيان، وأن يجعلك من الراشدين، ولمزيدة من الفائدة حول أوقات الصلاة انظري الفتويين: 29747، 125299.
والله أعلم.