السؤال
عندي شحنة كهربائية في الدماغ -صرع-، وقد أصاب بالإغماء فجأة، ولذلك منعني الطبيب من العمل في أماكن مرتفعة، خشية أن أسقط، وأنا مضطر للعمل في أماكن مرتفعة. فما هو الحكم إذا قدر الله أنني سقطت، وأصبت بمكروه؟
وجزاكم الله خيرا.
عندي شحنة كهربائية في الدماغ -صرع-، وقد أصاب بالإغماء فجأة، ولذلك منعني الطبيب من العمل في أماكن مرتفعة، خشية أن أسقط، وأنا مضطر للعمل في أماكن مرتفعة. فما هو الحكم إذا قدر الله أنني سقطت، وأصبت بمكروه؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشفيك. ونصيحة الطبيب لك بعدم العمل في الأماكن المرتفعة، هي من باب اتخاذ أسباب السلامة من الخطر، وقد بينا في فتاوى سابقة وجوب حفظ النفس، وحرمة إيذاء الإنسان لنفسه، أو ضرره بها، أو فعل أي شيء يعرضها للهلاك، وأن حفظ النفس مقصد من مقاصد الشريعة، وهو من الضروريات الخمس، التي جاءت الشرائع جميعا بحفظها، كما في الفتويين: 118885، 359527.
ومع أن حصول الإغماء حين تكون في مكان مرتفع أمر مظنون، لا متيقن، فإنه ينبغي لك الاحتياط، وإن غلب على الظن أنه سيغمى عليك في ذلك المكان، ويلحقك الضرر، حرم عليك العمل فيه؛ لأن غلبة الظن كاليقين في هذا.
قال الجصاص الحنفي في كتابه الفصول في الأصول فيما يغلب على الظن حصول ضرر بتناوله من المباحات: لو غلب في ظننا أن علينا في تناوله ضررا أكثر مما نرجو من نفعه، لم يجز لنا تناوله. اهــ.
ومثله قول الباقلاني في التقريب والإرشاد: وكذلك القول في شرب الأدوية، وحمل الثقيل، وما جرى مجرى ذلك مما يحرم عند غلبة الظن، للضرر، والتلف، ويحل عند فقد ذلك. اهــ.
والذي يمكننا قوله ختاما هو العمل بالاحتياط، فإن وجدت عملا لا تعرض فيه نفسك للخطر بذلك، فانتقل إليه، وإن كنت مضطرا للعمل، ولم تجد عملا آخر، فإن ترك هذا العمل الخطر فيه ضرر أيضا، وهنا يوازن بين الضررين، من جهة أن أحدهما مظنون -وهو الإغماء، وما يترتب عليه عند السقوط-، والآخر حاصل، وهو فقد المال، وما يترتب عليه من الضرر في فقد المأكل، والمسكن، والمشرب، فلا يرتكب المتيقن خوفا من المظنون، ولا يلزمك ترك العمل حينئذ.
والله أعلم.