السؤال
قام قريب لي بتأجير محل يملكه لشخص يمتهن الحدادة، والضجيج الصادر عن الحداد أثناء عمله اليومي مزعج جدا، ويزعج والدتي الكبيرة في السن، وأبنائي الذين يسكنون بجوار هذا المحل، ويضايقهم الضجيج، ويمنعهم من الدراسة، فهل من حقي، ويمكنني أن أنبه الشخص المالك للمحل إلى أن لا يجدد تأجير محله لشخص يمتهن هذه المهنة، لأنه سوف يؤذينا يوميا بالضجيج، والأصوات الصادرة عن هذه المهنة، ويستطيع تأجير المحل لمهنة أخرى، لا تزعج الجيران، فهل يقع هذا الضجيج اليومي الصادر عن ممارسة أعمال مهنة الحدادة اليومي ضمن أذية الجيران؟.
وجزيتم خيرا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بالإحسان إلى الجار، ونهى عن إيذائه، وشدد في ذلك، ففي الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
قال ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري: وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: حفظ الجار من كمال الإيمان، وكان أهل الجاهلية يحافظون عليه، ويحصل امتثال الوصية به بإيصال ضروب الإحسان إليه، بحسب الطاقة: كالهدية، والسلام، وطلاقة الوجه عند لقائه، وتفقد حاله، ومعاونته فيما يحتاج إليه، إلى غير ذلك، وكف أسباب الأذى عنه، على اختلاف أنواعه، حسية كانت، أو معنوية، وقد نفى صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لم يأمن جاره بوائقه، كما في الحديث الذي يليه، وهي مبالغة تنبئ عن تعظيم حق الجار، وأن إضراره من الكبائر. انتهى.
فإن كان عمل الحداد يترتب عليه ضجيج شديد على الوجه المذكور في السؤال؛ فهو إيذاء للجيران، وراجع الفتوى: 436726، والفتوى: 151737.
فعلى قريبك أن يحذر من التسبب في إيذاء الجيران، ومن حقك أن تنبهه إلى ذلك، وتطلب منه ألا يجدد عقد الإيجار للحداد.
والله أعلم.