السؤال
عندي طفلان واحد في سن العاشرة، والآخر في سن السابعة. وفي بلدنا توجد حملة تطعيم ضد مرض شلل الأطفال؛ لأنه مؤخرا تم اكتشاف حالات في دول قريبة، وبعيدة عن دولتنا، فقامت منظمة الصحة العالمية برفع حالة الطوارئ خوفا من تفشي المرض، حيث إنه ظهر في هذه الدول بعد أكثر من 34 عاما.
قامت دولة مثل بريطانيا التي ظهر فيها المرض بتطعيم الأطفال من سن الشهور حتى 9 سنوات.
حملة التطعيم التي في دولتنا قائمة على المعونات من منظمة الصحة العالمية لمحاربة هذا المرض. وهذه الحملة تستهدف الأطفال دون الخامسة، وقد قمت بتطعيم أطفالي لخوفي عليهم عن طريق أحد أقربائي الذي يعمل طبيبا في إحدى هذه الحملات .
سؤالي عن حرمة أخذ هذه الجرعة لأطفالي (نقطتان في الفم لكل طفل) حيث إنهم ليسوا دون الخامسة، علما بأن زوجي طلب مني عدم فعل ذلك؛ لأن ذلك في نظره ليس من حقنا، ولكني خالفته في ذلك الأمر لخوفي الشديد عليهم. فهل ارتكبت ذنبا بمخالفة أمر زوجي؟ وما كفارته إذا كان كذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعلى وجه العموم؛ فإن تطعيم هذين الطفلين، وهما في هذه السن بجرعة خاصة بمن هم دون هذه السن، جائز إن لم يخش أن يترتب عليهما منه ضرر، فالضرر مدفوع، روى أحمد في المسند عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا ضرر ولا ضرار.
والمرجع في تحديد الضرر من عدمه، إنما هو لأهل الاختصاص من الأطباء، وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.
وأما السؤال الثاني فنقول فيه: إن الظاهر -والله أعلم- أنه لم يكن لك الحق في مخالفة زوجك في أمر تطعيم هذين الطفلين؛ لأن الأب هو ولي الصغير في النفس والمال، وهو المسؤول عنه، وله النظر فيما تقتضيه مصلحته بما في ذلك أمر تطبيبه.
قال البهوتي في كشاف القناع عند الكلام عن ولي الصغير: ويجوز للولي تركه أي اليتيم في المكتب ليتعلم ما ينفعه، وله أيضا تعليمه الخط والرماية والأدب وما ينفعه، وله أداء الأجرة عنه من ماله؛ لأن ذلك من مصالحه أشبه ثمن مأكوله، وله أن يسلمه في صناعة إذا كانت مصلحة، وله أيضا مداواته أي مداواة محجوره لمصلحة... انتهى.
وإذا كانت هنالك مصلحة في أخذهما لهذا اللقاح، فكان ينبغي لك محاولة إقناع زوجك، والاستعانة في ذلك بأهل الاختصاص.
فالمطلوب منك أن تتوبي من عصيان زوجك في هذا الأمر، ولا تعودي لمثله؛ فذلك كفارة ما فعلت، وأكثري من الدعاء لزوجك بخير.
وراجعي في شروط التوبة الفتوى: 29785، والفتوى: 127747.
والله أعلم.