السؤال
هل يجعل الله القبول في العبد الذي يعمل الصالحات، ويفعل المعاصي، وهل يمكن أن يحبه الله والناس؟
أنا مبتلى بحب الأغاني، وذنوب الخلوات.
فبماذا تنصحونني أن أفعل، خصوصا أننا في أيام عظيمة، ومقبلون على رمضان، ولا أريد أن أضيعه في المعاصي؟
هل يجعل الله القبول في العبد الذي يعمل الصالحات، ويفعل المعاصي، وهل يمكن أن يحبه الله والناس؟
أنا مبتلى بحب الأغاني، وذنوب الخلوات.
فبماذا تنصحونني أن أفعل، خصوصا أننا في أيام عظيمة، ومقبلون على رمضان، ولا أريد أن أضيعه في المعاصي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد أولا من تذكير من يصرون على بعض المعاصي، وينتهكون بعض حرمات الله -تعالى- بضرورة استحضار مراقبة الله -تعالى- واطلاعه. فإنه متى استحضر العبد أنه - تعالى- لا تخفى عليه خافية، وأن السر عنده علانية، والغيب لديه شهادة؛ لا بد أن يدفعه ذلك، ويمنعه من مبارزة المولى -جل جلاله- بالمعصية، وهو يعلم أنه ناظر إليه، شهيد على عمله، كما قال تعالى: ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين {يونس:61}.
وقال تعالى: وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير {الحديد:4}.
وقال صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. متفق عليه.
ويكفي في الزجر عن التستر بالذنوب عن أعين الناس، ومبارزة الله بها، قول الله تعالى: يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا {النساء:108}.
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله -عز وجل- هباء منثورا .... أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه في سننه، وصححه الشيخ الألباني.
وراجع المزيد في الفتوى: 114548. وهي بعنوان: " النصيحة لمن يعصي الله إذا كان خاليا"
ومن كان يجمع بين فعل الطاعات، وارتكاب المعاصي، فهو ممن خلط عملا صالحا، وآخر سيئا، وهذا تحت مشيئة الله. قال الله تعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم {التوبة:102}.
قال العيني في عمدة القاري، تعليقا على هذه الآية: ولما أخبر الله -تعالى- عن حال المنافقين المتخلفين عن الغزاة رغبة عنها وتكذيبا. شرع في بيان حال الذين تأخروا عن الجهاد كسلا وميلا إلى الراحة، مع إيمانهم وتصديقهم بالحق، فقال: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم} أي: أقروا بها واعترفوا فيما بينهم وبين ربهم، ولهم أعمال أخر صالحة خلطوا هذه بتلك، فهؤلاء تحت عفو الله وغفرانه.
فهذه الآية وإن كانت نزلت في أناس معينين، إلا أنها عامة في كل المذنبين الخطائين المخلطين المتلوثين. اهـ.
فبادر بالتوبة إلى الله -تعالى-، وجاهد نفسك على الابتعاد عن المعاصي والمنكرات، فالعبد التائب إلى الله توبة نصوحا ممن يحبهم الله -عز وجل- كما قال سبحانه: إن الله يحب التوابين {البقرة:222}.
والله -سبحانه- إذا أحب عبدا وضع له المحبة، والقبول بين العباد. قال صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله العبد، نادى جبريل: إن الله يحب فلانا، فأحببه؛ فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا، فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. أخرجه البخاري ومسلم.
وراجع الفتوى: 327325. وهي بعنوان: وقفات إيمانية قبل دخول رمضان، وبعد ما يدخل.
وللمزيد عن أسباب محبة الله -تعالى- لعبده المؤمن، انظر الفتويين: 119552، 76182.
والله أعلم.