فسخ الخِطْبة بسبب الرؤى والأحلام

0 27

السؤال

مخطوبة لشخص نحسبه على خلق ودين، ولم أر منه سوءا سوى بعض المشاكل التي تحدث في كل الخطوبات. وما يقلقني كثرة رؤيتي لأحلام غريبة كلما نظرت لتأويلها كانت تشير إلى أنه شخص مخادع وكاذب، وكذلك والدتي راودتها بعض الأحلام بتفسير مشابه. بت أخاف كثيرا، ولا أدري ماذا أفعل؟ فهل علي تصديق أحلامي؟ أم أتجاهلها وأصدق ما هو في الواقع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دمت راضية بهذا الخاطب، ولم يظهر لك منه ما يعيب دينه، أو خلقه؛ فلا ينبغي لك تركه بسبب تلك الرؤى؛ فليس كل ما يراه النائم رؤيا صادقة، فقد تكون من حديث النفس، وقد تكون من الشيطان، ليدخل على صاحبها الحزن والخوف؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:... والرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس.

وفي صحيح ابن حبان عن عوف بن مالك، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الرؤيا ثلاثة: منها تهويل من الشيطان، ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فرآه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.

ثم إن تأويل الرؤيا الصادقة؛ ليس ميسرا لكل أحد، ولكنه يحتاج إلى علم، ودراية، وفراسة، وليس كل من تصدى لتعبير الرؤى يكون أهلا لذلك، ولا سيما في هذا الزمان، ولو فرض أن الرؤيا عرضت على من هو أهل لتأويل الرؤى؛ فليس بالضرورة أن يكون مصيبا في تأويلها، فقد يخطئ في التأويل، وراجعي الفتوى: 277015.

فالمقصود أنه لا يسوغ بناء أمر مهم كفسخ الخطبة على مجرد رؤيا، لا يمكن الاطمئنان إلى صدقها، أو صحة تعبيرها.

فالصواب تجاهل الرؤى، والاعتماد على الواقع الذي يؤيد المضي في الخطبة، وعدم فسخها، واعلمي أن المندوب لمن هم بأمر؛ أن يستخير الله تعالى؛ وقد بينا كيفية الاستخارة في الفتوى: 61077.

والراجح عندنا أن المستخير يمضي في الأمر بعد الاستخارة، ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه.

جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقيل: يفعل ما بدا له ويختار أي جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحا لجانب أو ميلا إليه، كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا، أو يسمع صوتا من هاتف، أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحا بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفا على الانشراح. انتهى.

وانظري الفتوى: 123457.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة