الجمع في الأجرة بين مبلغ مقطوع ونسبة من الربح

0 25

السؤال

أنا شاب عمري: 21 سنة، أكملت دراستي سنة: 2022، وحصلت على دبلوم في مجال شبكات المعلوميات، وبعد التخرج مباشرة بدأت بالبحث عن عمل لمساعدة أمي في المصاريف، بحكم أننا من طبقة ضعيفة ماديا نوعا ما، ووالدتي مطلقة، فبدأت العمل مع شركة تعمل في مجال الإيميل ماركوتينغ، أو التسويق عبر البريد الإلكتروني، وهذه الشركة ترسل عروضا إلى زبنائها، وعندما يشتري الزبون، أو يقوم بالحركة التي يطلبها ذلك العرض فإن الشركة تأخذ عمولة عن ذلك، فالعروض متنوعة، فكل عرض هناك فيه حركة، أو فعل مطلوب من الزبون فعله لأخذ العمولة، فمثلا: هناك عروض تطلب من الزبون أن يشتري العرض، وبعضها يطلب فقط أن تأتيه بزبائن يهتمون بالعرض، ويدخلون الإيميل الخاص بهم، ورقم الهاتف وغير ذلك، ووظيفتي هي إرسال هذ العروض إلى الزبناء وجمع العمولة، والشركة تعطيني: 3% من الأربح التي أدخلها في الشهر، وغالبا نرسل هذه العروض إلى الزبناء في الغرب، لأن أغلبية العروض تستهدف الدول الغربية، ففي البداية كانت الأمور جيدة، لكنني بعد مرور الوقت عرفت أن بعض أنواع العروض فيها النصب على الزبائن، حيث إنها تعد الزبون بأنه سيربح جائزة بعد إكماله لاستبيان معين، وعند إكماله لهذا الاستبيان يطلب منه إدخال بطاقته الائتمانية لدفع الشحن فقط، لتصله الجائزة، وعندما يدخل الزبون بطاقته لدفع مصاريف الشحن يتم اقتطاع مبلغ أكبر بكثير من الذي يجب دفعه، وحتى تلك الجائزة لا أعلم إن كانت تصله أو لا، وبعد أن عرفت هذ الخبر غضبت وتوجهت إلى المسؤول وقلت له الأمر فكان رده بأن العروض التي تقبلها الشركة قانونية، وكانت الجدية في كلامه، فغالب الموظفين لا يعلمون بهذا، وقد عرفت فقط من خلال البحث على الإنترنت، ومشاهدة بعض الفيديوهات على اليوتيوب تتكلم عن هذا النوع من العروض، وبعدها قلت للمسؤول بأنني سأتوقف عن إرسال هذا النوع من العروض، فوافق على ذلك، وأنا الآن أرسل العروض التي يظهر أنها جيدة ليس فيها نصب وما شابه ذلك، ورغم ذلك فإنه لا زال يراودني الشك، وأخاف أن يكون في تلك العروض شيء يضر بالزبون رغم أنني أتأكد من أن العرض سليم، وأتأكد من أن رابط العرض صحيح ليس فيه أي احتيال، كما يقع في تلك العروض التي فيها نصب، لكن لا يمكنني معرفة ما سيحدث مع الزبون، وهل سيستفيد من العرض أم لا؟ أم سيتم النصب عليه؟ فالعروض التي تطلب من الزبون فقط إدخال إيميله كما ذكرت أظن أنه لا مشكلة فيها، فإن الزبون إن كان يهتم بالعرض فقط، فإنه يدخل الإيميل الخاص به، أما بعض العروض الأخرى فإنني لا أستطيع أن أعرفها، وبالنسبة للعروض التي نروجها الظاهر أنا مباحة، فمثلا: ترويج لمنتوج معين، أو خدمة معينة، تأمين السيارات، تأمين صحي، برامج للتحميل على الحاسوب، والكثير من العروض. فهل هذا المال الذي أكسبه من هذا العمل حلال؟ وكما قلت لكم فإنني آخذ 3% من الأرباح التي أدخلها في الشهر زيادة على الراتب الشهري، فبماذا تنصحونني؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يجزيك خير الجزاء لمساعدتك لأمك والسعي لإعفافها، فهذا من عمل البر العظيم.

فقد روى كعب بن عجرة: أنه مر على النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل فرأى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جلده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن كان خرج يسعى على ولده صغارا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة، فهو في سبيل الشيطان. رواه الطبراني، وقال: المنذري والهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني.

وأما ما سألت عنه: فجوابه أن لا حرج عليك في العمل المذكور، ما دامت العروض مباحة، وليس فيها نصب واحتيال، أو ترويج لمحرم، وكونك لا تعلم ما سيحدث مع الزبون هل سيستفيد من العرض أم لا؟ فهذا لا يؤثر في جواز ذلك العمل، ولا فيما تكسبه منه، غير أنك ذكرت  في السؤال أنك تأخذ: 3% من الأرباح التي تكسبها في الشهر، بالإضافة إلى الراتب الشهري، وهذا يفضي إلى الجهالة في العمولة، والأصل أنه لا بد من معلومية الأجرة، فتكون مبلغا مقطوعا، فيما ذهب إليه الجمهور، أو تكون نسبة من الربح، فيما ذهب إليه بعض أهل العلم. فقد جاء في رواية عن أحمد جواز الجمع بين مبلغ مقطوع مع نسبة من الربح، وكل ذلك مفصل في الفتوى: 58979.

وعلى القول بجواز الجمع بين النسبة والراتب؛ فتصح المعاملة، ولكن الأولى أن تكون راتبا فقط، أو نسبة من الربح فقط، خروجا من إشكالية الجمع بينهما.

وننبه على أن عقود غالب شركات التأمين محرم، لاشتمالها على الغرر والربا، لذلك لا يجوز الترويج له منها إلا شركات التأمين التكافلي الإسلامي، كما ينبغي التحري في الترويج للبرامج التي يحتمل أن تكون مشتملة على محرم.

وقد أحسنت في في تحري الحلال والبعد عما قد يكون فيه نصب واحتيال، وإن كان ما قرأته واطلعت عليه قد لا ينطبق على عملك السابق، لكن من ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، فقد أحسن صنعا، لما ثبت في سنن النسائي، والترمذي بإسناد صحيح عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة