السؤال
اكتشفت أن زوجي كان يحب أن يمارس مع رجال منذ سنتين، لكن عندما تعارفنا، وتزوجنا اعتزل تلك الطريق. وعرفت هذا الموضوع البارحة من خلال رسائل نصية قديمة. هل علي ذنب إذا أتممت معه الطريق أم لا؟
اكتشفت أن زوجي كان يحب أن يمارس مع رجال منذ سنتين، لكن عندما تعارفنا، وتزوجنا اعتزل تلك الطريق. وعرفت هذا الموضوع البارحة من خلال رسائل نصية قديمة. هل علي ذنب إذا أتممت معه الطريق أم لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن رذيلة اللواط من أفظع الفواحش، فتحرم مباشرة الرجل للرجل، وتلذذه به، ولو بالنظر، فقد قال ابن الحاج في المدخل: اللوطية على ثلاث مراتب: طائفة تتمتع بالنظر، وهو محرم؛ لأن النظرة إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعا... والطائفة الثانية يتمتعون بالملاعبة، والمباسطة، والمعانقة، وغير ذلك عدا فعل الفاحشة الكبرى... والمرتبة الثالثة فعل الفاحشة الكبرى. اهـ
واحمدي الله تعالى على أنه اعتزل تلك الطريق بعد الزواج، ومن المعلوم أن الزواج يعف الإنسان، ويحصن فرجه، كما في حديث الصحيحين: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء.
وإذا كان الأمر مجرد حب لتلك الممارسة، فلا شك أن ذلك خطير جدا، ولكن نرجو لمن تركه لله أن يثيبه الله تعالى، فقد ثبت في الحديث أن من هم بالسيئة، وتركها لا يؤاخذ بها، بل تكتب له حسنة،
فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ما يرويه عن ربه -عز وجل- قال: إن الله كتب الحسنات، والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة، فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإذا هم بها، فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة، فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هم بها، فعملها كتبها الله له سيئة واحدة.
وجاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه- ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: ومن هم بسيئة فلم يعملها.... ظاهر الإطلاق كتابة الحسنة بمجرد الترك، لكن قيده في حديث الأعرج عن أبي هريرة كما سيأتي في كتاب التوحيد ولفظه: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة. وأخرجه مسلم من هذا الوجه، لكن لم يقع عنده من أجلي، ووقع عنده من طريق همام عن أبي هريرة وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي.. وهي بمعنى من أجلي. ونقل عياض عن بعض العلماء أنه حمل حديث ابن عباس على عمومه، ثم صوب حمل مطلقه على ما قيد في حديث أبي هريرة، قال الحافظ: ويحتمل أن تكون حسنة من ترك بغير استهتار ما قيد به دون حسنة الآخر، لما تقدم أن ترك المعصية كف عن الشر، والكف عن الشر خير، ويحتمل أيضا أن يكتب لمن هم بالمعصية ثم تركها حسنة مجردة، فإن تركها من مخافة ربه سبحانه كتبت حسنة مضاعفة... انتهى.
ولا إثم عليك إن واصلت الطريق معه، ولو ثبت لك فعله السوء، ولكن يجب عليك نصحه، ونهيه عن المنكر، ومنعه من فعله، فكوني عونا له على التوبة، والعفة، والاستقامة على ما يرضي الله.
فقد سأل الصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالو: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه. رواه الترمذي، وأحمد، وصححه الألباني.
وإذا تصورنا -لا قدر الله- أنه لم يتب زوجك إلى الله، ولم ينصلح حاله، فلا يحرم عليك إتمام الطريق معه، وإنما يندب لك فراقه، ولو في مقابل عوض تدفعينه إليه.
قال البهوتي الحنبلي: وإذا ترك الزوج حقا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ
وحول حكم التجسس على الزوج، والنظر في أسراره، وتتبع عوراته انظري لزاما الفتوى: 45258.
والله أعلم.