السؤال
أعمل في محل لقطع غيار السيارات، وراتبي لا يكفيني، ومالك المحل صرح لي أكثر من مرة أن بإمكاني أن آخذ زيادة على راتبي إذا احتجت من المحل، فكنت آخذ ما أحتاج من المحل دون إخباره، بناء على تصريحه، لكنني أكتب كل ما آخذه، والآن وصل الدين حوالي ستين ألف جنيه، في حوالي ثلاث سنوات، والمبلغ فوق طاقتي، ولا أستطيع سداده، وهو قد أذن لي في أخذ ما أريد، لكنني أرى أن المبلغ أصبح كبيرا، وأنا متحرج من إخباره، فهل يعتبر ذلك المبلغ دينا علي؟ وهل آثم على ذلك، علما بأنني كنت آخذ ما أحتاج فقط، كما صرح لي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله أعلم- أن تصريحه لك أكثر من مرة في أخذ زيادة على راتبك إذا احتجت من المحل -كما ذكرت- يحتمل أن يكون إذنا بالأخذ على سبيل القرض، وعلى ذلك؛ فالأمر واضح.
كما يحتمل أن يكون إذنا بالإباحة، أي: يبيح لك أن تأخذ ما احتجت إليه من غير إلزام برد مثله، وإذا كان الأمر كذلك، فلا حرج عليك فيما أخذته، ما لم تتجاوز قدر الحاجة المتعارف عليه.
ففي قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام ما نصه: مسألة: رجل وكل وكيلا وكالة مطلقة يتصرف في أمواله كيف شاء: بالبيع، والشراء، والأخذ، والعطاء، وأذن له في الأكل، وما أراد، على طريق الإباحة، فهل إذا أخذ من أمواله مثلا مائة درهم، هل يحل بالإباحة المطلقة؟ وهل إذا أبرأه الموكل، وقال: أنت في حل من كل حق يبرأ -والحالة هذه-؟
أجاب -رضي الله عنه- إذا كان لفظ الإباحة شاملا لذلك أخذا، أو صرفا، فيما يريد أن يفعله بها، جاز له ذلك، وإذا أبرأه من كل حق له عليه برئ من الجميع، وإن لم يعين. والله أعلم. اهـ
ومع ذلك، فالأسلم لك، والأبرأ لذمتك هو أن تخبر صاحب المحل بمقدار ما أخذت، لتتيقن من مسامحته لك فيه، وما يدريك لعله كان يقصد الإذن بالقرض، أو لعلك أنت أخذت قدرا زائدا على ما يسمح به لك.
والله أعلم.