هجر الزوج زوجته؛ الجائز منه والمحرم.

0 17

السؤال

هل من حق الزوج أن يهجر زوجته، ويمنعها حقها الشرعي عشر سنوات، لوجود مشاكل في أول الزواج؟ وما حكم ذلك؟ فهم متزوجون دون علاقة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه لا يجوز للزوج هجران زوجته، ولا منعها من أي حق من حقوقها الواجبة عليه، لكن إذا نشزت المرأة على زوجها، بامتناعها من إجابته إلى الفراش، أو خروجها من البيت بغير إذنه لغير عذر؛ فله أن يهجرها في الفراش حتى ترجع إلى الطاعة، والمعاشرة بالمعروف.

قال الحجاوي -رحمه الله- في الإقناع: وإن أصرت، وأظهرت النشوز: بأن عصته، وامتنعت من إجابته إلى الفراش، أو خرجت من بيته بغير إذنه، ونحو ذلك، هجرها في المضجع ما شاء. انتهى.

وقال البهوتي -رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: فإن أصرت ناشزة بعد وعظها، هجرها في مضجع، أي: ترك مضاجعتها ما شاء، ما دامت كذلك. انتهى.

فإن رجعت الزوجة إلى الطاعة؛ فلا يجوز له هجرها في الفراش.

قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: فإن رجعت إلى الطاعة، والأدب، حرم الهجر، والضرب، لزوال مبيحه. انتهى.

وعليه؛ فإن كان زوجك يهجرك من غير نشوز يحصل منك؛ فهو ظالم لك، ومن حقك في هذه الحال أن ترفعي أمره للقضاء، وتطلبي التطليق بسبب الهجر بغير مسوغ.

قال الدردير –رحمه الله- في الشرح الكبير: ولها -أي للزوجة- التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا: كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك ... انتهى.

لكن الذي ننصحك به؛ أن تتفاهمي مع زوجك، وتذكريه بما أوجب الله عليه من المعاشرة بالمعروف، ومنها أن يعف زوجته على قدر طاقته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها، والوطء الواجب، قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين، والله أعلم. انتهى من الفتاوى الكبرى.

وينبغي أن تتعرفي على أسباب هجره لك، وعزوفه عن معاشرتك، وتجتهدا في إزالة هذه الأسباب، فإن كان لتقصير منك في شيء من حقوقه، فعليك تدارك ذلك، ومعاشرته بالمعروف، مع الحرص على حسن التبعل له، ولا سيما فيما يتعلق بالتجمل والتزين، في حدود الشرع، والتودد بالكلمات الرقيقة، والأفعال الجميلة، وإن كان لضعف من جهته؛ فليذهب إلى طبيب مختص، فعن أسامة بن شريك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تداووا، فإن الله -عز وجل- لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم. رواه أبو داود.
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: وإن رأى الرجل من نفسه عجزا عن إقامة حقها في مضجعها أخذ من الأدوية التي تزيد في باهه، وتقوي شهوته حتى يعفها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى