السؤال
اشتريت لزوجتي شريحة هاتف باسمي، وبعد مدة اتصلت بنا الشرطة، وطلبوا منا الحضور، ولما ذهبت إليهم تبين أنه تم إدراجها في هاتف مسروق، ولما سألت عن نوع الهاتف وجدت أنني لم أشتره من قبل أبدا، وعند قراءة المحضر السابق وجدت أن أخاها مذكور في نفس المحضر، وعندما طلبت منه الاعتراف بأنه من اشترى الهاتف رفض، وطلبوا مني أن أشهد زورا، فرفضت، وصرحت بأقوالي - بأن الشريحة ملك لزوجتي، وبسؤال زوجتي قالت إن أخاها اشترى ذلك الهاتف من قبل- فذهبت إلى بيت أبيها، وطلبت الطلاق، وقالت بصريح العبارة: أخي خير منك، ولو اتصلت بي الشرطة فسوف أقول إنك من اشتراه لي، فما حكم تصرفها؟ وهل فعلت شيئا مخالفا لحكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك طلبت منك أن تكذب، وتشهد زورا؛ فقد طلبت منك منكرا كبيرا؛ فالكذب محرم، وهو من أقبح الأخلاق، وشهادة الزور من أكبر الكبائر، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقول الزور - أو قال: وشهادة الزور.
وقد أمر الله تعالى عباده بالشهادة بالحق، وألا يجاملوا أحدا فيها كائنا من كان، قال تعالى: ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا {النساء: 135}.
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا، ولا شمالا، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين، متساعدين، متعاضدين، متناصرين فيه، وقوله: شهداء لله ـ كما قال: وأقيموا الشهادة لله ـ أي: ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقا، خالية من التحريف، والتبديل، والكتمان؛ ولهذا قال: ولو على أنفسكم ـ أي: اشهد بالحق ولو عاد ضررها عليك، وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه، وإن كان مضرة عليك، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا، ومخرجا من كل أمر يضيق عليه، وقوله: أو الوالدين والأقربين ـ أي: وإن كانت الشهادة على والديك، وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحق، وإن عاد ضررها عليهم، فإن الحق حاكم على كل أحد، وهو مقدم على كل أحد. انتهى.
فإذا كنت شهدت بالحق، ولم تكذب في شهادتك؛ فقد أصبت الحق، ولا شيء عليك.
وأما زوجتك: فتركها بيتك، وسؤالها الطلاق بسبب رفضك أن تشهد زورا؛ فهو نشوز، ومعصية أخرى، وظلم محرم، ونصيحتنا لك؛ أن تتفاهم مع زوجتك، وتبين لها ما ذكرناه من تحريم الكذب، وشهادة الزور، وتذكرها بما أوجب الله عليها من طاعة الزوج، ومعاشرته بالمعروف، وأن المرأة منهية عن سؤال الطلاق لغير مسوغ؛ فإن تابت إلى الله تعالى، ورجعت إلى بيتك، وعاشرتك بالمعروف؛ فأمسكها، وعاشرها بمعروف، وإن رفضت، وأصرت على طلب الطلاق، فيجوز لك أن تمتنع من طلاقها حتى تسقط لك مهرها، أو بعضه، وراجع الفتويين: 162773 361798.
والله أعلم.