السؤال
بعد شجار مع زوجتي، حلفت بالطلاق ثلاثا ألا أقرب راتبها، ولا أستخدمه، ولا أصرف منه.
هل يجوز أن تستخدم زوجتي راتبها في شراء أدوات المطبخ، مثل غسالة الصحون، وغيرها؛ لمساعدتها في أداء عملها البيتي؛ لأني لا أستطيع توفير كل شيء؟
وهل تستطيع تقديم هدية من راتبها لي، ولأولادها؟
أرجو التوضيح. بارك الله فيكما.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن جمهور الفقهاء على أن الحلف بالطلاق - سواء أريد به الطلاق، أو غير ذلك من التهديد، ونحوه - يقع به الطلاق عند حصول الحنث، وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا - وهو المفتى به عندنا -
خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد، تلزم به كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع طلقة واحدة، وانظر الفتوى: 11592.
وأما ما يدخل في اليمين مما لا يدخل، فيرجع فيه إلى نيتك، فإذا نويت ألا تطلب منها شيئا من مصاريف البيت، فإنك لا تحنث بما تأتي به للبيت دون طلب منك، وهكذا.
وإذا نويت قطع منتها عليك مثلا، فإنك تحنث بأخذ أي شيء يمتن به.
فمبنى اليمين على ما قصده الحالف، ونواه، ولو خالف ظاهر اللفظ ما دام اللفظ يحتمله، فإن لم تكن هناك نية، فإنه يرجع إلى سبب اليمين، وباعثها، جاء في الكافي لابن قدامة: ومبنى الأيمان على النية، فمتى نوى بيمينه ما يحتمله، تعلقت يمينه بما نواه، دون ما لفظ به، سواء نوى ظاهر اللفظ، أو مجازه، مثل أن ينوي موضوع اللفظ، أو الخاص بالعام، أو العام بالخاص، أو غير ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وإنما لكل امرئ ما نوى، فتدخل فيه الأيمان ... وإن حلف لا يشرب له الماء من العطش، يريد قطع منته، تناولت يمينه كل ما يمتن به؛ لأن ذلك للتنبيه على ما هو أعلى منه، ومن لم تكن له نية، وكان ليمينه سبب هيجها، يقتضي معنى أعم من اللفظ، مثل من امتنت عليه زوجته، فحلف لا يشرب لها الماء من العطش، أو لا يلبس ثوبا من غزلها، أو حلف: لا يأوي معها في دار، لسبب يقتضي جفاءها، فحكمه حكم القاصد كذلك؛ لأن السبب دليل على النية، والقصد، فقام مقامه. اهـ.
والله أعلم.