السؤال
اشتريت سيارة، ودفعت ثلث ثمنها، ولم أستلمها بعد، واتفقت مع البائع أنني سأبيع "ذهبا"، وسأعطي له باقي ثمنها كاملا بمجرد استيفاء أوراقها، وتسليمها لي ووافق على ذلك. هل السيارة بذلك تعد ملكي على الرغم من أنه لم يسلمها لي حتى الآن؟
وهل من حق البائع أن يبيعها لشخص آخر على غير إرادتي، ويرد لي المبلغ الذي دفعته؟
علما بأنه لو فعل ذلك فإنه سيترتب على ذلك خسارة كبيرة لي حيث إنني لن أستطيع إعادة شراء الذهب الذي بعته بنفس الثمن مرة أخرى.
ومن يتحمل تلك الخسارة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفصل في قضايا المنازعات محله القضاء؛ وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات والدفوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي فإنه لا يسمع إلا من طرف واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تتيحه طريقة الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
وما يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم لا في خصوص سؤاله أنه إذا حصل الإيجاب، والقبول، والاتفاق على الثمن، والمثمن، وانفض المجلس عن ذلك، فقد انعقد البيع، ولزم الطرفين، وثبت انتقال ملك البدلين بين البائع، والمشتري، وبالتالي فلا يصح تصرف البائع في المبيع بالبيع، أو التأجير، أو نحو ذلك من التصرفات إلا برضى الطرف الثاني.
جاء في الموسوعة الفقهية: يملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، ويكون ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان ... ويترتب على انتقال الملك في البدلين ما يلي: أ - أن يثبت للمشتري ملك ما يحصل في المبيع من زيادة متولدة منه، ولو لم يقبض المبيع. ولا يمنع من انتقال ملكية المبيع إلى المشتري كون الثمن مؤجلا. ب - أن تنفذ تصرفات المشتري في المبيع، وتصرفات البائع في الثمن .. ج - إذا قبض البائع الثمن، ولم يقبض المشتري المبيع، حتى لو مات البائع مفلسا، فإن للمشتري حق التقدم في المبيع على سائر الغرماء. ويكون المبيع في هذه الحال أمانة في يد البائع، ولا يدخل في التركة ... هذا، ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع، أو الثمن كونهما ديونا ثابتة في الذمة إذا لم يكونا من الأعيان؛ لأن الديون تملك في الذمم ولو لم تتعين، فإن التعيين أمر زائد عن أصل الملك، فقد يحصل مقارنا له، وقد يتأخر عنه إلى أن يتم التسليم ....اهـ.
والله أعلم.