السؤال
بلغني أن أذان الفجر في بلدي يؤذن قبل الوقت الصحيح من 10 إلى 20 دقيقة، وأغلب المساجد تقيم الصلاة بعد الأذان بـ 15 دقيقة.
فهل يجوز أن أصلي سنة الفجر بعد أداء صلاة الفجر؟ بسبب أن الأذان يؤذن مبكرا عن موعده، فإذا صليت السنة بعد الأذان أكون قد صليتها قبل دخول وقت الفجر الصحيح، وإذا تأخرت ربع ساعة بعد الأذان لم أتمكن من أداء سنة الفجر؛ لأن أغلب المساجد تقيم بعد ربع ساعة من الأذان.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمواقيت الصلاة المحددة في تقاويم الدول الإسلامية؛ صحيحة -إن شاء الله- بما فيها وقت الفجر، والطريقة التي حسبت بها هذه المواقيت، ليست مستحدثة، ولكنها طريقة كبار علماء الفلك المسلمين منذ القرن الرابع الهجري، والعمل عليه في بلاد المسلمين منذ قرون طويلة حافلة بالعلماء الراسخين في علوم الشريعة، وعلوم الفلك.
وقد جاء في فتوى لشيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق -رحمه الله-:
1- الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة في جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية، والفلكية مع رأي قدامى علماء الفلك المسلمين حسبما انتهى إليه رأي المختصين بعلوم الفلك.
2- المواقيت الحسابية للصلاة، والصوم مع مراعاة فروق التوقيت من مكان إلى مكان فى مصر صحيحة، وموافقة للمواقيت الشرعية التى نزل بها جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعلامات الطبيعية الواردة فى الأحاديث الشريفة. انتهى من فتاوى دار الإفتاء المصرية.
وجاء في بيان منشور في مركز الفلك الدولي، وقع عليه جمع كبير من علماء الفلك المسلمين:
تنتشر شائعة عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض المنتديات تقول: بعدم صحة موعد صلاة الفجر الموجود في تقاويم الدول الإسلامية، وأنه متقدم على الوقت الحقيقي، وأن الأذان يرفع قبل وقته، والسماء ما زالت مظلمة. الرد على الإشاعة: هذا كلام غير صحيح! فموعد صلاة الفجر الموجود في معظم تقاويم الدول الإسلامية صحيح. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن موعد صلاة الفجر المبين في تقاويم الدول التالية صحيح: السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان، والعراق، واليمن، والسودان، وتونس، والجزائر، والمغرب، وغيرها. وحجة المشككين أنهم رصدوا الفجر من مكان مظلم، ولم يتبين لهم الفجر الصادق إلا بعد الأذان بفترة من الوقت، والخطأ الذي وقع به هؤلاء –بحسن نية- أنهم رصدوا الفجر من أماكن غير مناسبة، إما بسبب وجود إضاءة مدن قريبة، أو بسبب الرصد من مكان غير صافي، وبالتالي لم يشاهدوا الفجر على الرغم من طلوعه، ولو رصدوا الفجر من مكان مظلم تماما، وصاف تماما، لشاهدوا الفجر مع الأذان. وقد أثبتت عدة أرصاد حديثة تمت من أماكن مناسبة توافق موعد الأذان الموجود في التقويم مع طلوع الفجر الصادق، ومن هذه الأرصاد ما تم في الأردن، واليمن، وليبيا، والسعودية، ومصر، وإيران، وغيرها. كما أن الوقت المحسوب بالتقاويم هو ما نص عليه كبار علماء الفلك المسلمين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: الصوفي، والبتاني، والبيروني، والخوارزمي، والطوسي، وابن الشاطر، وهو كان الموقت في الجامع الأموي فضلا عن كونه من علماء الفلك، وهؤلاء علماء فلك عظام، منهم أخذ الغرب الكثير من المعارف الفلكية، وتكريما لجهودهم، فقد أطلق الغرب أسماءهم على فوهات على القمر في الوقت الذي يقلل البعض من شأنهم، ويتهمهم بالخطأ، وعدم المعرفة، وتوجد العديد من الأبحاث التي ناقشت هذه المسألة بالتفصيل، وبينت مواطن التشكيك بالأدلة، والحجة، وأوردت أقوال هؤلاء الفلكيين من كتبهم، وذكرت هذه الأبحاث الأرصاد الحديثة التي تمت في ظروف مناسبة مبينة تفاصيلها. ومن هذه الأبحاث، بحث بعنوان "إشكاليات فلكية، وفقهية حول مواقيت الصلاة"، وبحث بعنوان:" كيفية التحقق من صحة مواقيت الصلاة في التقاويم"، وإضافة إلى ذلك، فقد كتب الشيخ عبد الملك علي الكليب في عام 1975م رسالة إلى وزارة الأوقاف الكويتية، يعترض فيها على موعد صلاة الفجر الموجود في التقويم الكويتي، وهو ما يوافق تقاويم الدول الإسلامية الأخرى، وأن الزاوية الصحيحة لصلاة الفجر هي 16.5، وليس 18، وهذا هو نفس اعتراض البعض في وقتنا الحاضر، بل إن البعض في وقتنا الحاضر بالغ، ونادى بالزاوية 15 بدلا من 18، فقامت وزارة العدل، والأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك بتحويل الرسالة إلى الأستاذ العلامة السيد عبد الله كنون، رئيس رابطة علماء المغرب، وذلك لإحالته للمختصين للرد على الرسالة، فقام هو بدورة بتحويلة إلى أحد أشهر علماء الفلك، والتوقيت في المغرب، وهو العالم الشهير السيد الحاج محمد بن عبد الوهاب ابن عبد الرازق الأندلسي أصلا الفاسي المراكشي، وهو صاحب كتاب "العذب الزلال في مباحث الهلال"، وهو يعتبر من أشهر كتب الفلك الشرعي حول الهلال، ورؤيته، فقام المراكشي بالرد على الرسالة في كتيب بلغ عدد صفحاته 42 صفحة، وقد بين بالتفصيل، وبالأدلة، والحجة، وسرد أقوال العديد من كبار الفلكيين، والموقتين، وأكد أن الفجر الصادق يطلع على الزاوية 18، بل إن قسما كبيرا منهم يرى أنه يطلع على الزاوية 19. وتجدر الإشارة إلى أن الفلكيين العاملين في شؤون مواقيت الصلاة يعرفون الفجر الكاذب جيدا، وأن تأكيدهم بأن الفجر يطلع ما بين الزاوية 18، و 19 إنما هو للفجر الصادق، فالفجر الكاذب ظاهرة فلكية معروفة عند المسلمين، وعند غيرهم، وهو يظهر قبل الزاوية 19 بكثير، وقد علم ذلك بالرصد المستفيض، سواء من قبل المسلمين، أو غير المسلمين المهتمين بالظواهر الفلكية بشكل عام. وبالتالي إن توهم البعض أن قول الفلكيين الموقتين بأن الفجر يطلع على الزاوية 19، أو 18 لالتباس الفجر الكاذب عليهم، هو قول لا يصح. وبالنظر إلى ما هو معمول به في جميع (ونركز على كلمة جميع) الدول الإسلامية في وقتنا الحاضر، نجد أن جميع تقاويم الدول الإسلامية تجعل صلاة الفجر على زاوية ما بين 19.5، و 18، ولا توجد، ولا دولة إسلامية واحدة تعتمد للفجر زاوية أقل من 18، بل حتى جمعية "إسنا" في الولايات المتحدة التي شاع أنها تعتمد الزاوية 15، فقد تمت مخاطبتهم رسميا، وتم الاجتماع مع المدير التنفيذي للجمعية الدكتور ذو الفقار شاه، والذي أكد أن المعتمد في "إسنا" لصلاة الفجر هو الزاوية 18، إلى أن تم تعديلها مؤخرا عام 2011م لتصبح 17.5. فمصر تعتمد الزاوية 19.5، والمغرب تعتمد الزاوية 19، والسعودية تعتمد الزاوية 18.5، في حين تعتمد الزاوية 18 كلا من: الأردن، وفلسطين، والكويت، وسلطنة عمان، والبحرين، وقطر، والعراق، واليمن، والسودان، وتونس، والجزائر، وتركيا، وغيرها من الدول الإسلامية. الموقعون على البيان: الأستاذ الدكتور حميد النعيمي، رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء، والفلك، ومدير جامعة الشارقة، الإمارات. الأستاذ الدكتور مشهور الوردات، أستاذ في علم الفلك، وعميد كلية العلوم السابق في جامعة الحسين بن طلال، الأردن. الأستاذ الدكتور شرف القضاة، أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية، ورئيس قسم أصول الدين السابق في الجامعة الأردنية. الشيخ حمد بن محمد صالح، باحث أول معد تقويم في دائرة الشؤون الإسلامية، والعمل الخيري في دبي. أطروحة ماجيستير بعنوان "الإعلام بدخول وقت الصلاة: أحكامه، ضوابطه، ومستجداته". الأستاذ الدكتور عبد السلام غيث، أستاذ في علم الفلك، ورئيس الجمعية الفلكية الأردنية. الأستاذ الدكتور هيمن زين العابدين متولي، أستاذ علوم الفلك، والفضاء، جامعة القاهرة، مصر. الدكتور معاوية شداد، أستاذ الفيزياء، والفلك في جامعة الخرطوم، السودان. الدكتور شرف السفياني، المشرف العام على مرصد السفياني الفلكي، السعودية. الأستاذ الدكتور عبد القادر عابد، خبير في الفلك الشرعي، الجامعة الأردنية، الأردن. الدكتور علي بن محمد الشكري، قسم الفيزياء، جامعة الملك فهد للبترول، والمعادن، الظهران، المملكة العربية السعودية. الأستاذ الدكتور جلال الدين خانجي، خبير في الفلك الشرعي، والمدير السابق لجامعة إيبلا في حلب، سوريا. المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي، الإمارات. الدكتور سليمان محمد بركة، حامل كرسي اليونسكو في علوم الفلك، والفضاء، والفيزياء الفلكية في فلسطين، ومدير مركز أبحاث الفلك، والفضاء في جامعة الأقصى. الأستاذ الدكتور وهيب عيسى الناصر، أستاذ الفيزياء التطبيقية في جامعة البحرين، ورئيس الجمعية الفلكية البحرينية. الدكتور جمال ميموني، أستاذ الفلك في جامعة قسنطينة، الجزائر. الدكتور مجيد جراد، أستاذ الفلك في جامعة الأنبار، والمستشار العلمي الفلكي للأوقاف، العراق. الدكتور نسيم سيغواني، مدير قسم علم الفلك في مرصد الجزائر. انتهى.
وعليه؛ فالصواب أن تصلي سنة الفجر بعد دخول الوقت، وقبل صلاة الفريضة، وهي واقعة في الوقت الصحيح -إن شاء الله-
والله أعلم.