رفض البائع بيع السلعة للمشتري إلا بأخذ الرديء مع الجيد

0 29

السؤال

التجار في بلدي يقومون ببيع الخضروات فاسدها مع صالحها. وإذا أراد المشتري مثلا أن يختار بيده ليأخذ الثمرة الصالحة ويترك الفاسدة يمنع، ويتم إجباره على أن يأخذها مختلطا فاسدها بصالحها، حتى وإن غلب الفاسد على الصالح، وعليه أن يدفع الثمن كاملا.
فما حكم ما يفعله هؤلاء التجار؟ مع العلم أن الظاهرة تنطبق على باقي الخيرات من فواكه ولحوم وغيرها من المواد الغذائية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمعتبر في ذلك هو إظهار عيب السلعة، وعدم الغش، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم.

قال النوويأي بين كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن، وصدق في ذلك، وفي الإخبار بالثمن وما يتعلق بالعوضين. اهـ.

وعلى ذلك، فإن كان المعيب من المواد الغذائية ظاهرا للمشتري بحيث ينتفي غش البائع، فلا حرج عليه في بيعه، وإلا أثم البائع بإخفاء العيب، وكان للمشتري الخيار في رد المبيع أو إمساكه.

فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني. رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في السياسة الشرعية: الغش: اسم جامع لكل من أظهر من المبيع خلاف باطنه، مثل الذين يحسنون ظاهر الأطعمة من الثمار والحبوب ونحوها، ويجعلون الرديء في باطنها. اهـ.

وقال ابن علان -رحمه الله-: المراد بالغش هنا، كتم عيب المبيع أو الثمن، والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن، الذي يريد بدله فيه. اهـ.

وقال المظهري في المفاتيح في شرح المصابيح: الغش: ستر حال شيء على أحد؛ يعني: إظهار شيء على خلاف ما يكون ذلك الشيء في الباطن، كهذا الرجل؛ فإنه جعل الحنطة المبلولة في الباطن واليابسة على وجه الصبرة؛ ليرى المشتري ظاهر الصبرة ويظن أن جميع الصبرة يابس، فهذا الفعل هو الغش والخيانة، وهو محرم؛ لأنه إضرار بالناس، فإذا علم المشتري أن باطن المبيع معيب فله الخيار في رد المبيع وإمساكه. اهـ. 

وهنا ننبه على أن منع البائع للمشتري من الانتقاء من سلعته جيدها، ونبذه الرديء منها، لا يسمى إجبارا؛ لأن المشتري بالخيار إن شاء أخذ المبيع بعيبه، وإن شاء ترك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة