السؤال
أسمع أحيانا بعض الزملاء في العمل يحكي مع زميل آخر عما فعله من محرمات؛ فيكشف ستر الله عنه. لا أكون طرفا في الحوار، ولكني أكون في المجلس بحكم عملي، ولا أستطيع أن أتدخل في الحوار؛ لأن علاقتي بهذا الزميل الذي يتحدث عن نفسه علاقة محدودة ليست قوية، تقتصر على السلام فقط تقريبا. فهل علي شيء؟
وهل من الحكمة أن أتحدث مع من ليست لي به علاقة قوية، أو مع شخص لا أعرفه أصلا، خاصة وأنه ليس عندي من العلم إلا القليل إذا دخلت في مناقشة؟
وكيف أكتسب الجرأة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عموما؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تحدث الإنسان إلى الناس بالمعصية التي ارتكبها يعتبر من المجاهرة بها.
ففي حديث أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح -وقد ستره الله عليه-، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
وقد بينا خطورة الجهر بالمعصية في فتاوى سابقة، كالفتوى: 343333.
والذي يمكننا قوله للأخ السائل هو أنه إن كانت المعصية التي يتحدث بها ذلك الرجل إلى زملائه من المحرمات المجمع عليها؛ كشرب الخمر، والزنا، ونحو ذلك؛ فإنه ينبغي لك -أخي السائل- أن تنصحه سرا -فيما بينك وبينه- بالإقلاع عنها، والتوبة منها -إن كان لا يزال يمارسها-، أو بالكف عن التحدث بها -إن كان تركها-.
والنصيحة في مثل تلك المنكرات لا تحتاج إلى كبير علم شرعي، وإنما تحتاج إلى وعظ، وتذكير بالله تعالى، وبأليم عقابه، إذ لا أحد يجادل في كونها محرمة، إلا أن يكون فاعلها حديث عهد بالإسلام.
وكونك ليست لك علاقة قوية بالمتحدث هذا؛ لا يمنع إسداء النصيحة، فالمسلم أخو المسلم.
والنصيحة ليست مختصة بالمعارف والأصدقاء، بل هي حق على المسلم لعامة المسلمين، كما في حديث تميم الداري -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة -ثلاثا-. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. أخرجه مسلم.
وأما كيف تكتسب الجرأة على إسداء النصيحة، وإنكار المنكر: فإنها تكتسب بالتمرن، والتعود عليه، والنظر في كون النصيحة والإنكار -بآدابه الشرعية- مما أمرك الله تعالى به، وأنه سبحانه أحق من يستحيا منه.
وقد ذكرنا طرفا من آداب النصح في الفتوى: 13288.
والله أعلم.