حكم قطيعة الأقارب إذا بدؤوا بالهجر

0 14

السؤال

أنا شاب عمري 20 سنة، أسكن مع خالي.
وبعد أن من الله علي والتزمت بديني وصلاتي، وبدأت آمره بالصلاة في وقتها وخصوصا الفجر، وأنهاه عن منكرات، تغير علي كثيرا، ولم يعد يتحدث معي ولا يسلم علي، ونفر مني.
وأنا كنت أحسن إليه، إلا أنني أحسست أني أذل نفسي له، فأنا أيضا لم أعد أتكلم معه، ولا أسلم عليه حين أدخل البيت.
فهل أنا قاطع رحم، أو هاجر، أو علي إثم؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التدابر والقطيعة بين المسلمين، ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.

فإن كان ذلك بين عموم المسلمين، فأحرى أن يكون بين الأرحام؛ فصلة الرحم واجبة، وقطعها حرام، بل هي من الكبائر، ففي صحيح مسلم عن جبير بن مطعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم.

وعليه؛ فلا تجوز لك قطيعة خالك، وعليك صلته بالمعروف، وكونه بدأ بهجرك، ليس مسوغا لترك صلته، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.

قال ابن بطال -رحمه الله- في شرح صحيح البخارى:

يعنى: ليس الواصل رحمه من وصلهم مكافأة لهم على صلة تقدمت منهم إليه فكافأهم عليها بصلة مثلها. وقد روي هذا المعنى عن عمر بن الخطاب، روى عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع عكرمة يحدث عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: (ليس الواصل أن تصل من وصلك، ذلك القصاص، ولكن الواصل أن تصل من قطعك). انتهى.

وكذا كونه مفرطا في بعض الواجبات، أو واقعا في بعض المحرمات؛ ليس مانعا من صلته، إلا إذا ظهر أن هجره يؤدي إلى صلاحه وتركه المنكرات، وراجع الفتوى: 258862.

ونصيحتنا لك أن تحرص على صلة خالك والإحسان إليه، وتأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر برفق وحكمة وحلم؛ فالنصيحة إذا خلت من الرفق والحلم وجانبت الحكمة كان ضررها أكبر من نفعها.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ..جاء في الأثر عن بعض السلف، ورووه مرفوعا، ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: لا يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، إلا من كان فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة