السؤال
في كثير من الأحيان ألتقي بأناس أعلم أو يغلب على ظني أنهم وقعوا في ذنب معين خطأ أو نسيانا، فهل يجب أن أنكر على المخطئ والناسي؟
في كثير من الأحيان ألتقي بأناس أعلم أو يغلب على ظني أنهم وقعوا في ذنب معين خطأ أو نسيانا، فهل يجب أن أنكر على المخطئ والناسي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمخطئ والناسي معذوران، مرفوع عنهما قلم التكليف؛ لقوله تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم {الأحزاب: 5}. وقال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا {البقرة: 286}. ودلائل هذه المسألة كثيرة.
لكن مناصحة من تعاطى ما يحرم عليه ناسيا أو مخطئا قد تكون واجبة في كثير من الصور، ومن ذلك ما إذا سها في صلاته فقام لخامسة وجب على المأمومين تنبيهه، ومن ذلك ما إذا رأى من يأكل أو يشرب ناسيا في نهار رمضان، فالصحيح أنه يجب تنبيهه.
قال المرداوي في الإنصاف: لو أراد من وجب عليه الصوم: أن يأكل، أو يشرب في رمضان ناسيا أو جاهلا، فهل يجب إعلامه على من رآه؟ فيه وجهان، وأطلقهما في الفروع، والرعاية الكبرى. إحداهما: يلزمه الإعلام، قلت: هو الصواب، وهو في الجاهل آكد لفطره به. انتهى.
وكذا إذا رأى من تلبس بنجاسة لا يعلمها، فالصحيح أنه يجب عليه إعلامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.
جاء في دليل الطالب وشرحه منار السبيل: [ويلزم من علم بنجاسة شيء إعلام من أراد أن يستعمله] لحديث "الدين النصيحة". انتهى.
والحاصل أن صور هذه المسألة كثيرة، فلا بد من السؤال عن صورة معينة ليتبين كلام أهل العلم فيها، لكن كونه ناسيا أو جاهلا أو مخطئا لا يمنع وجوب تنبيهه وتذكيره في كثير من تلك الصور عند كثير من العلماء.
وهذا واضح إن كنت تشاهده وهو يفعل المحظور مخطئا أو ناسيا، وأما إذا كان قد ارتكب الذنب فيما مضى وعلمت ذلك أو غلب على ظنك، فلا يظهر أن مناصحته تجب؛ إلا أن يترتب على ذنبه الذي ارتكب حق لآدمي؛ كأن يتلف شيئا بطريق الخطأ فتنبهه ليعوض ما أتلفه مثلا.
وعلى كل؛ ففروع هذه المسألة تكثر، ولا بد من تحديد السؤال ليكون الجواب عنه مطابقا تمام المطابقة.
والله أعلم.