السؤال
تزوجت من فتاة تايلندية مسلمة بعقد زواج إسلامي، ثم أتممنا زواجا مدنيا. بعد سنوات، طلبت مني فسخ الزواج المدني حتى تمتلك حق الوصاية الكامل على ابنتنا. في تلك الفترة، كنت أعيش في دولة أخرى بعيدا عنها لسنوات، وكانت علاقتنا أقرب إلى الأخوية. خلال تلك الفترة، تزوجت بامرأة أخرى وأسست أسرة ثانية دون علمها.
عندما علمت بزواجي الثاني، أثارت الكثير من المشاكل التي سببت شتاتا أسريا لي. حاولت جاهدا أن أجمع بين الأسرتين، لكنني لم أنجح، لأنها كانت تسعى إلى السيطرة علي وامتلاكي. حاولت العيش معها في تايلاند، وتخليت عن عملي وحياتي المستقرة التي بنيتها بعيدا عنها في محاولة للحفاظ على ابنتي. لكنني عشت معها أياما صعبة مليئة بالتحكم والسيطرة. كما اكتشفت أنها من الأشخاص النرجسيين، وهو نوع يصعب علي التعامل أو العيش معه.
لذلك، قررت أن أهجرها وأعود لاسترجاع حياتي مع زوجتي العربية وأسرتي الثانية. أخبرتها بوضوح أنني لا أريدها ولا أحبها، وطلبت منها أن تعتبرني ميتا، ثم قطعت تواصلي معها تماما.
مضى الآن شهر منذ مغادرتي تايلاند، ولم أتواصل معها نهائيا. حاولت هي التواصل معي عدة مرات، لكنني لا أريد العودة إلى دائرة سيطرتها، ولا أرغب بالتواصل معها إطلاقا حتى لا أتعرض مرة أخرى للعذاب النفسي الذي كنت أعانيه.
سؤالي: هل يعتبر هذا الفعل طلاقا شرعا؟ مع العلم أن الزواج المدني بيننا انتهى منذ سنوات، وما يربطنا الآن هو عقد الزواج الإسلامي الذي أبرم في تايلاند.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففسخ الزواج المدني إذا لم يكن معه طلاق من الزوج أو مخالعة؛ لا تقع به الفرقة، وكذا مجرد الانفصال والهجر بين الزوجين؛ لا يقع به طلاق أو فسخ مهما طالت مدته، وإخبارك زوجتك بأنك لا تريدها ولا تحبها ونحو ذلك من العبارات؛ لا يقع بها طلاق ما دمت لم تتلفظ بها قاصدا إيقاع الطلاق، بل ذهب بعض العلماء إلى عدم وقوع الطلاق بها ولو نويته.
قال ابن نجيم -رحمه الله- في البحر الرائق شرح كنز الدقائق: إذا قال: لا حاجة لي فيك، أو لا أريد أو لا أحبك أو لا أشتهيك أو لا رغبة لي فيك؛ فإنه لا يقع، وإن نوى في قول أبي حنيفة. انتهى. وراجع الفتوى: 250549.
والواجب عليك أن تعاشر زوجتيك بالمعروف، وتعدل بينهما سواء كانا في بلد واحد، أو في بلدين متباعدتين.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن كان امرأتاه في بلدين، فعليه العدل بينهما؛ لأنه اختار المباعدة بينهما، فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها، وإما أن يقدمها إليه ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان، سقط حقها لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما، لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة، فيجعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر وأكثر أو أقل على حسب ما يمكنه، وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما. انتهى.
وإذا كانت هذه الزوجة لا تطيعك فيما يجب عليها من الطاعة، أو تسيء عشرتك؛ فاسلك معها سبل الإصلاح المتاحة لك.
وإذا لم تنفع معها وسائل الإصلاح، أو كنت كرهتها ولا تريد البقاء معها؛ فطلقها ولا تدعها معلقة، وراجع الفتوى: 467959.
وننوه إلى أن توثيق عقود الزواج والطلاق في هذه الأزمان يشتمل على مصالح كبيرة، والتهاون فيه يؤدي إلى مفاسد عظيمة، وراجع الفتوى: 396700.
والله أعلم.