السؤال
هل يجوز تسميع إجازة السند غيبا أثناء مرحلة حفظ القرآن الكريم؟ أي: قبل إتمام حفظ القرآن الكريم كاملا. بمعنى أن يتم تسميع ما تم حفظه غيبا بنية الحصول على إجازة السند، مع الاستمرار في مراجعة ما تم حفظه بشكل منتظم، وتعاهد المحفوظ بمراجعته أسبوعيا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجازة في إقراء القرآن الكريم، أمر اصطلاحي، وليس أمرا شرعيا توقيفيا، فلا علاقة للإجازة بنية الطالب أثناء القراءة، ولا يتأتى السؤال عن الإجازة بالجواز أو التحريم أصلا.
فينبغي أن يكون السؤال: عن صحة الإجازة من عدمها عند أهل الفن.
وبعد هذا نقول: إن الإجازة تتفاوت اشتراطاتها بين المقرئين على تنوع البلدان، فمنهم المتشدد والمتساهل وما بين ذلك.
والمعهود عند أهل أكثر الإقراء اشتراط أن يقرأ الطالب القرآن الكريم على شيخه كاملا غيبا عن ظهر قلب مع التجويد وإتقان التلاوة. كما سبق في الفتوى: 202714.
وقراءة الطالب على الشيخ أثناء حفظه للقرآن الكريم، لا تنافي هذا الشرط، ما دام قد قرأ عليه القرآن الكريم كاملا عن ظهر قلب، وكان مجودا متقنا للتلاوة.
بينما في بعض بلدان المغرب الإسلامي يشترط ألا ينظر الطلاب في المصحف أبدا في مدة قراءته لنيل الإجازة.
وبعض المقرئين يجيز بقراءة النظر في المصحف، ولا يشترط أن يقرأ الطالب غيبا.
وقد نص السيوطي في الإتقان على أن الحفظ ليس شرطا، قال عن كيفية تحمل القرآن الكريم: وأما القراءة من الحفظ، فالظاهر أنها ليست بشرط، بل يكفي ولو من المصحف. اهـ.
مع التنبيه إلى أن الإجازة ليست شرطا في التصدي للإقراء، فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك ولو لم يكن مجازا.
قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة، فمن علم من نفسه الأهلية، جاز له ذلك، وإن لم يجزه أحد، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح، وكذلك في كل علم، وفي الإقراء، والإفتاء، خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطا.
وإنما اصطلح الناس على الإجازة، لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم، لقصور مقامهم عن ذلك، والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط، فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية. اهـ.
والله أعلم.