السؤال
أحفظ القرآن كاملا ـ والحمد لله ـ وقد قمت بختمة كاملة عبر النت ـ البالتولك ـ بطريقة تقليب الأوجه على شيخ مجاز في القراءات العشر الكبرى, ظنا مني أن الشيخ يقرئ قراءة من المصحف فقط, فلما أخبرته أنني أحفظ القرآن كاملا, وأريد أن أعيد عليه ختمة ثانية من الحفظ؟ قال:لا بأس, لا تعد، وأجازني لكي أقرأ وأقرئ، وأشار في الإجازة إلى أنها من المصحف، فهل هذه الإجازة صحيحة؟ وهل يمكنني أن أجيز الطالب بوجه واحد, من طريق الشاطبية مثلا, رغم أنني قرأت بطريقة تقليب الأوجه؟ وهل يمكنني أن أجيز أنا بدوري الطلبة اعتمادا على إجازتي؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تقرأ على الشيخ من حفظك، وإنما قرأت عليه نظرا، وقد أجازك بناء على هذا الأساس، وأنها قراءة من المصحف، فإنه لا يصح لك أن تجيز غيرك، لأن الإجازة ـ في اصطلاح القراء ـ هي شهادة من الشيخ المجيز للطالب المجاز بأنه قد قرأ عليه القرآن كاملاً غيباً مع التجويد والإتقان للرواية أو الروايات المجاز بها، وأنه أصبح مؤهلاً للإقراء بها، ومن شروطها ـ كما جاء في شرح الجزرية لصفوت سالم ـ عرضُ القرآنَ الكريم غيباً من حفظه على شيخ مجاز بالرواية التي يقرأ بها. اهـ
وهو ما لم يحصل منك كما ذكرت.
أما الإجازة بالقراءة من المصحف: فلم نقف على من قال بها من الأقدمين، ولا نرى مانعا من أن يعطى من أتقن القراءة من المصحف نظرا شهادة بذلك، وليس هذا إجازة في اصطلاح القراء، ولكنه شهادة من باب قوله صلى الله عليه وسلم: ليبلغ الشاهد منكم الغائب. متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري.
وانظر الفتويين رقم: 168845، ورقم: 164257.
فإذا أردت الإجازة المعتبرة عند أهل الفن فعليك أن تقرأ على شيخك من حفظك، والأفضل أن يكون مشافهة، ولكن لا حرج أن تكون عن طريق النت كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 199657.
ولا ينبغي أن يكون عدم الإجازة مانعا من تعليم القرآن الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. متفق عليه.
فينبغي لك أن تعلم القرآن ما دمت أهلا لذلك ولو كنت غير مجاز.. قال السيوطي: الْإِجَازَةُ مِنَ الشَّيْخِ غَيْرُ شَرْطٍ فِي جَوَازِ التَّصَدِّي لِلْإِقْرَاءِ وَالْإِفَادَةِ، فَمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَهْلِيَّةَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ أَحَدٌ، وَعَلَى ذَلِكَ السَّلَفُ الْأَوَّلُونَ وَالصَّدْرُ الصَّالِحُ.
والله أعلم.