السؤال
زوجي حلف بالطلاق: "إن ذهبت إلى مكان كذا"، ثم استفتى بعدها وقالوا له: إن عليه كفارة، ولم يقع اليمين. وبعد ذلك، ذهبت إلى ذلك المكان برضاه.
لاحقا، حلف بالطلاق: "إن تحدثت مع شخص ما"، وكان وقتها في حالة غضب شديد، وكان يهددني، ثم حصلت مشكلة بيننا، وتحدثت مع ذلك الشخص دون وعي مني.
وبعد أسبوع، وفي نفس اليوم الذي حدث فيه الطلاق، وحديثي مع الشخص الذي حلف عليه، وقعت مشكلة كبيرة بيننا، فقال لأهله: "إذا كانت رنيم لها يد في المشكلة التي حصلت، فهي طالق"، وكررها ثلاث مرات: "رنيم طالق، رنيم طالق، رنيم طالق"، وذلك في غيابي، وبشهادة أهله، وكان في كامل وعيه.
في هذه الحالة، كم عدد الطلقات التي وقعت؟ وهل يحق له أن يرجعني قبل انتهاء العدة؟ مع العلم أن الطلاقين حدثا في نفس اليوم، حيث إنني تحدثت مع ذلك الشخص، وكانت لي يد في المشكلة التي حلف عليها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أن الطلاق المعلق على شرط؛ يقع عند حصول المعلق عليه؛ سواء قصد به إيقاع الطلاق، أو قصد به التهديد، أو التأكيد ونحوه، وأن الزوج لا يملك التراجع عن تعليق الطلاق، وهذا قول جماهير أهل العلم، بمن فيهم الأئمة الأربعة رحمهم الله.
وذهب بعض أهل العلم -كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن الطلاق المعلق بقصد التهديد أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ لا يقع، ولكن تلزم بالحنث فيه كفارة يمين. وانظري الفتويين: 30144، 161221.
والمسائل التي اختلف فيها أهل العلم، لا حرج على من عمل بقول من أقوالهم فيها، وانظري الفتوى: 241789.
وعليه؛ فما دام زوجك استفتى أهل العلم، فأفتوه بعدم وقوع الطلاق، وأن عليه كفارة فقط؛ فلا حرج عليكم في العمل بهذا القول.
واعلمي أن تلفظ زوجك بيمين الطلاق في حال غضب شديد؛ الراجح عندنا أنه لا يمنع وقوع طلاقه؛ فأكثر أهل العلم على أن الغضب إذا لم يزل العقل بالكلية؛ لا يمنع وقوع الطلاق. وراجعي الفتوى: 337432.
وإذا كنت تكلمت مع الشخص الذي علق زوجك الطلاق على تكليمك إياه، ذاهلة، غير واعية؛ فالراجح عندنا أن زوجك لم يحنث في هذه اليمين. قال ابن القيم -رحمه الله- في أعلام الموقعين: أن يفعل المحلوف عليه ذاهلا، أو ناسيا، أو مخطئا، أو جاهلا، أو مكرها، أو متأولا، أو معتقدا أنه لا يحنث به تقليدا لمن أفتاه بذلك، أو مغلوبا على عقله، أو ظنا منه أن امرأته طلقت، فيفعل المحلوف عليه بناء على أن المرأة أجنبية، فلا يؤثر فعل المحلوف عليه في طلاقها شيئا، فمثال الذهول: أن يحلف أنه لا يفعل شيئا هو معتاد لفعله، فيغلب عليه الذهول والغفلة فيفعله. انتهى.
وما دام في المسألة خلاف بين أهل العلم، وينبني عليه عدد الطلاق، فالصواب أن تعرض المسألة على من تمكن مشافهته من أهل العلم، المشهود لهم بالعلم والديانة، وتعملوا بقولهم.
والله أعلم.