السؤال
قبل أشهر غضب زوجي مني بسبب استفزازي له، وعلق الطلاق على شيء إذا فعلته أكون طالقا، وكان يقصد الطلاق فعلا، وهذا الشيء لا يمكنني تجنب فعله مهما حاولت، ومنذ أن نطق زوجي بهذا الشرط وأنا أحاول قدر المستطاع أن أتجنب وقوعه؛ لدرجة أن حياتي انقلبت رأسا على عقب، وأصبحت طوال الوقت خائفة، ومنغلقة على نفسي؛ خشية وقوع الشرط، وكل فعل يشبه ذلك الشرط أتصور أنه داخل في التعليق، وقد حدثت معي عشرات المواقف التي أعدها -في نظري- وقوعا للشرط، وفي كل مرة أخبر زوجي بما وقع، وأقول له: هل هذه كانت نيتك؟ وهل هذا هو الشرط؟ فيجيبني: لا أعلم، ثم أقول له: هل بفعلي هذا قد تحقق الشرط؟ فيكرر: لا أعلم.
وأصبح زوجي يغضب مني بشدة عندما أخبره بالمواقف التي حدثت معي، ويفضل الصمت، ولا يجيبني عن سؤالي المتكرر يوميا حول نفس الموضوع، وعندما ذكرت ذلك لأمي وأخواتي، قالوا لي: إن الوسواس هو الذي يؤثر علي، ويجعلني أتصور وقوع الشرط، وأكدن لي أن نية زوجي واضحة بخصوص الشرط الذي علق عليه الطلاق؛ لأنني أخبرتهن بالشرط عند تلفظه به، فهن على دراية بما قاله، فماذا أفعل؟ فأنا لا أستطيع أن أحدد هل وقع الطلاق أم لا، وزوجي لا يزال يقول: لا أعلم. جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما أنت فيه سببه الوسوسة؛ فتجاهليها، وهوني على نفسك، ولا تهلكيها بمجاراة هذه الوسوسة.
وعليك أن تجتنبي ما جاء في ظاهر لفظ زوجك فيما علق عليه الطلاق، ولست مطالبة شرعا بسؤال زوجك عن نيته في هذا المجال؛ لما في ذلك من الحرج، والمشقة، ولما فيه من التنطع المنهي عنه شرعا، ففي الحديث: هلك المتنطعون. رواه مسلم.
هذا بالإضافة إلى أن الزوج أعلم بنيته، ولا يمكن معرفتها إلا من جهته.
والقول له عند الاختلاف فيما نواه، وما كان من إثم، فهو عليه، والله تعالى مطلع على نيته، وسيحاسبه عليها، جاء في المغني لابن قدامة: إذا اختلفا؛ فقال الزوج: لم أنو الطلاق بلفظ الاختيار، وأمرك بيدك، وقالت: بل نويت، كان القول قوله؛ لأنه أعلم بنيته، ولا سبيل إلى معرفته إلا من جهته. انتهى.
وننبه ونؤكد أهمية التغلب على المشاكل الزوجية، وحلها بالحكمة بعد وقوعها، وضرورة تجنب وقوعها ابتداء؛ وذلك بإحسان كل من الزوجين عشرة الآخر، والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من الحقوق والواجبات، والبعد عن أسباب الخصام، وأن لا يكون الطلاق وسيلة لحل المشاكل، وأن يسود بينها الحوار، والتفاهم، والاحترام، وكل ما يعين على استقرار الحياة الزوجية.
كما ننبه على أنه على فرض وقوع الطلاق؛ فهو طلاق رجعي -إن كان الطلاق الأول، أو الثاني-، ويمكن للزوج مراجعة زوجته مباشرة دون عقد جديد، كأن يقول: "راجعت زوجتي"، أو نحوها من الألفاظ الصريحة، أو الكناية مع نية الرجعة، ويستحب أن يشهد شاهدين على الرجعة، وانظري الفتويين: 54195، 129150؛ فالأمر هين -إن شاء الله-.
والله أعلم.