الحكم فيمن اتفق مع زوجته على طلاقها بعد مدة

0 3

السؤال

تزوجت امرأة رغما عني، فاتفقنا معا قبل الزواج -ومن دون علم العائلة- على الطلاق بعد سنة من الزواج. لكننا استمررنا معا كزوجين، حيث توطدت العلاقة بيننا، فاستمر زواجنا ثلاث سنوات من دون إنجاب.
المشكلة أنه أثناء بعض النقاشات بيننا، قمت بتطليقها مرتين متفرقتين، لكننا في كل مرة تهدأ فيها النفوس، كنا نعود لبعضنا. (للعلم، نحن نتبع المذهب المالكي في المغرب).
قبل شهر، وقع بيننا شجار عنيف، فقلت لها بعصبية زائدة: "أنت طالق... أنت علي كظهر أمي". فندمت على ما قلت، ولم أقربها منذ ذلك الحين. وهي تقول إن هذا الطلاق غير جائز، نظرا لحالة الغضب الشديد التي كنت فيها، ورغم عصبيتي، إلا أنني أذكر جيدا ما قلته. فهل يعتبر هذا طلاقا ثالثا مع الظهار، ولا تحل لي بعده، أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
 

فمثل هذه المسائل الشائكة؛ لا تصلح فيها الفتوى عن بعد، ولكن الصواب أن تعرض على القضاء الشرعي، أو على من تمكن مشافهتهم من الثقات من أهل العلم المختصين بالفتوى.

ومن حيث الحكم الشرعي على وجه العموم؛ ننبهك إلى المسائل الآتية:

أولا: النكاح بشرط الطلاق كنكاح المتعة، ويبطل به العقد عند بعض العلماء.

قال الحجاوي في الإقناع: وإن شرط في النكاح طلاقها في وقت ولو مجهولا، فهو كالمتعة. اهـ.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا تزوجها ‌بشرط أن يطلقها في وقت معين، لم يصح النكاح، سواء كان معلوما أو مجهولا، مثل أن يشترط عليه ‌طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها. وقال أبو حنيفة: يصح النكاح، ويبطل ‌الشرط. وهو أظهر قولي الشافعي. انتهى

وفي حكم الشرط: الاتفاق والتواطؤ والتفاهم قبل النكاح على الطلاق بعد مدة.

قال ابن تيمية في بيان الدليل على بطلان التحيل -في كلامه عن نكاح التحليل-: سواء شرط عليه ذلك في عقد النكاح، أو شرط عليه قبل العقد، أو لم يشرط عليه لفظا، بل كان ما بينهما من الخطبة وحال الرجل والمرأة والمهر، نازلا بينهم منزلة اللفظ بالشروط. اهـ.

ثانيا: أكثر أهل العلم على أن الغضب -مهما كان شديدا- لا يمنع وقوع الطلاق، إلا إذا أزال العقل بالكلية، وراجع الفتوى: 337432.

ثالثا: إذا وقعت الطلقة الثالثة، وتلفظ الزوج بالظهار؛ بانت المرأة بينونة كبرى، ولم يلحقها الظهار.

قال القرافي -رحمه الله- في الفروق: وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثا، وأنت علي كظهر أمي، لم يلزمه الظهار؛ لأنه قد تقدمه تحريمها بالطلاق. انتهى.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ...وإن نوى به الظهار، وكان الطلاق بائنا، فهو كالظهار من الأجنبية؛ لأنه أتى به بعد بينونتها بالطلاق. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة