السؤال
هل تعد السرقة من الأب كحال السرقة من الغريب عند الله؟ وهل جزاء من يسرق من والده، كجزاء من يسرق من غيره؟
أنا أعلم أن من يسرق أحدا، فإن المظلوم يأخذ حقه منه يوم القيامة، لكن هل الأمر نفسه ينطبق على الأب؟ أي: لو سرقت من والدي، فهل سأتواجه معه يوم القيامة، ليأخذ حقه أو يسامحني؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من الأب كالسرقة من الشخص الغريب من حيث استحقاق القصاص يوم القيامة، لعموم الأحاديث الواردة في هذا دون استثناء والد ولا ولد، بل قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين، ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه: قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده، أو ولده، أو زوجته، وإن كان صغيرا؛ ومصداق ذلك في كتاب الله: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. رواه ابن أبي حاتم.
وروى ابن جرير عن قتادة، قال: ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعرفه، مخافة أن يدور له عليه شيء. ثم قرأ: يوم يفر المرء من أخيه (*) وأمه وأبيه (*) وصاحبته وبنيه (*) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه [عبس:34 - 37].
والأحاديث تفيد بوقوع المقاصة بين العباد يوم القيامة فيما بينهم من الحقوق بالحسنات والسيئات، ولم تستثن أبا، ولا أما، ولا ولدا، ولا أخا، ولا أختا، ولا زوجا، ولا زوجة.
ففي حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة في مال أو عرض، فليأته فليستحلها منه قبل أن يؤخذ -أو تؤخذ- وليس عنده دينار ولا درهم، فإن كانت له حسنات، أخذ من حسناته فأعطيها هذا، وإلا أخذ من سيئات هذا فألقيت عليه. رواه البخاري، وأحمد واللفظ له.
وفي حديث عبد الله بن أنيس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: يوم يحشر العباد -أو قال: الناس- حفاة عراة غرلا بهما ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عليه مظلمة حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عنده مظلمة حتى أقصه منه حتى اللطمة، قال: قلنا: كيف؟ وإنما نأتي الله -عز وجل- عراة حفاة غرلا بهما، قال: بالحسنات والسيئات. رواه الحاكم في المستدرك وصححه، ووافقه الذهبي.
والله أعلم.