السؤال
سؤالي هو أني دعست هندوسيا بسيارة ومات وكان في شهر رمضان وسألت الشيخ فقال ما عليك الكفارة التي هي صيام شهرين متتابعين . وعند الشيخ الذي في المحكمة قال عليك كفارة صيام شهرين متتابعين وسألته وقلت هو هندوسي قال الشيخ الكفار كالمسلمين، وأحسست أنه تلعثم وأنا الآن في حيرة هل علي كفارة صيام شهرين متتابعين أم لا ؟ وأنا دفعت الدية أتمنى الرد بأسرع ما يمكن والله يعطيكم العافية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه في قتل الخطأ: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما {النساء: 92}.
فمن قتل كافرا معصوما الدم، كالذمي والمعاهد والمستأمن، وجبت عليه الدية إجماعا، قال الكاساني في بدائع الصنائع (7/ 252): لا خلاف في أنه إذا قتل ذميا أو حربيا مستأمنا تجب الدية؛ لقوله تبارك وتعالى {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله} [النساء: 92]. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في مجموع الفتاوى-: قاتل الخطأ تجب عليه الدية بنص القرآن واتفاق الأمة، والدية تجب للمسلم والمعاهد كما قد دل عليه القرآن وهو قول السلف والأئمة؛ ولا يعرف فيه خلاف متقدم. اهـ.
وتجب عليه كذلك الكفارة، عند جمهور الفقهاء، خلافا لمالكية فتستحب عندهم ولا تجب، قال ابن قدامة في المغني (12/ 224): تجب بقتل الكافر المضمون، سواء كان ذميا أو مستأمنا. وبهذا قال أكثر أهل العلم. وقال الحسن ومالك: لا كفارة فيه؛ لقوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة}. فمفهومه أن لا كفارة في غير المؤمن. ولنا قوله تعالى: {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} والذمي له ميثاق، وهذا منطوق يقدم على دليل الخطاب، ولأنه آدمي مقتول ظلما، فوجبت الكفارة بقتله، كالمسلم. اهـ.
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (5/ 325): قوله تعالى: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) هذا في الذمي والمعاهد يقتل خطأ فتجب الدية والكفارة، قاله ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي. واختاره الطبري ... وقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم أيضا: المعنى وإن كان المقتول خطأ مؤمنا من قوم معاهدين لكم فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم، فكفارته التحرير وأداء الدية. وقرأها الحسن: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن). قال الحسن: إذا قتل المسلم الذمي فلا كفارة عليه. قال أبو عمر: وأما الآية فمعناها عند أهل الحجاز مردود على قوله: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) ثم قال تعالى: (وإن كان من قوم) يريد ذلك المؤمن. والله أعلم. قال ابن العربي: والذي عندي أن الجملة محمولة حمل المطلق على المقيد. قلت: وهذا معنى ما قال الحسن وحكاه أبو عمر عن أهل الحجاز. اهـ.
قال في تبيين المسالك في مذهب الإمام مالك: وتندب الكفارة لمسلم حر قتل عبدا أو كافرا معصوما خطأ. ثم قال: وقال الثلاثة: تجب في قتل العبد والكافر المعصوم خطأ.
ولعل هذا هو الراجح، لقول الله تعالى: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله {النساء: 92}.
وعليه، فيجب مع الدية على السائل عند أكثر أهل العلم أن يصوم شهرين متتابعين، كما في الآية الكريمة لعدم وجود الرقبة.
والله أعلم.