السؤال
حلفت (علي الطلاق خمسين مرة أن لا أصلي في المسجد خلال شهر رمضان) انتهى نص الأيمان والسبب أني كنت مارا من أمام مسجد ولدي بناتي منهم الحائض ومنهم الصغير وزوجتي لا أتقبل منها أي كلمة أو نصح لأني أشعر أنها تريد أن تصغرني بعيون أولادي وتظهر على أنها الأتقى وحتى سلوكها هذا أشكو منه في أغلب المواقف وبيننا خلاف ومنذ فترة أنا أحتملها خشية أن أشتت الأسرة وأضيع الأولاد وعمري تسع وأربعون عاما وأنا عصبي منذ طفولتي وشديد الغضب لدرجة إذا غضبت أكسر كل شيء أمامي وممكن أصرف غضبي بضرب الأولاد وأصبر على ما أنا فيه من نشوز زوجتي كما أراه من وجهة نظري والتفكير عندي الآن هو ليس صلاة الجماعة ممكن أصليها في البيت وإن كنت سأحرم الأجر الكبير لكن أفكر في صلاة الجمعة فهل الأيمان تقع إن صليت في المسجد؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية يجب أن تعلم أن التسرع في ألفاظ الطلاق أمر خطير لما له من عواقب سلبية يندم الشخص عليها، لأن الطلاق من الأمور التي تمضي بالجد والهزل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة. رواه الترمذي وحسنة الألباني.
ويزداد الحرج والإثم أكثر إذا كان الطلاق في لفظ واحد أكثر من ثلاث لما روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن علقمة قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: إني طلقت امرأتي مائة فقال: بانت منك بثلاث وسائرهن معصية.
فعلى المسلم ألا يعود لسانه على ألفاظ الطلاق حتى يظل في سعة من أمره، هذا من حيث العموم.
أما بخصوص ما سألت عنه فلا يخلو الأمر فيه من أن تكون قصدت بما قلت مسجدا معينا أو جميع المساجد، فإن كان مسجدا معينا فهذا عليك أن تجتنبه طيلة المدة التي ذكرت وتصلي في غيره ولا إشكال في ذلك.
أما إن شملت كل المساجد، فإن الطلاق يقع على زوجتك بمجرد الصلاة في أي مسجد، لأنه طلاق معلق والطلاق المعلق إن حصل ما علق عليه وقع عند الجمهور.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا أوقع الطلاق في زمن أو علقه بصفة تعلق بها ولم يقع حتى تأتي الصفة والزمن، وهذا قول ابن عباس وعطاء وجابر والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
ومن العلماء من قال بأن الطلاق المعلق لا يكون طلاقا إلا إذا قصد به الطلاق لا إن قصد به التهديد ونحوه.
هذا وننبهك إلى أمرين:
الأول: أن تقبل النصح من أي مسلم وخاصة ممن يظن به الإخلاص والصدق في نصحه كزوجتك، وكونها لم تتخذ في نصحها لك الحكمة ومراعاة الألفاظ والوقت، فذلك لا يجعلك ترفض نصحها.
الثاني: الحذر من الغضب كما هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لرجل طلب منه أن يوصيه قال: لا تغضب فردد مررا لا تغضب. رواه البخاري.
والله أعلم.