السؤال
قرأت ذات يوم حديثا في فضل غربة الإسلام وأنه يأتي على آخر الزمان من يتمسكون بالدين فيكون لهم أجر خمسين من الصحابة فقال الصحابة أو منهم فقال عليه الصلاة والسلام بل منكم وقرأت حديثا أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن أعجب الناس إليه إيمانا رجالا يأتون في آخر الزمان يؤمنون بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من غير أن يروه ولكن يؤمنون به وأخبر صلى الله عليه وسلم كما قرأت في حديث آخر أنه سأل الصحابة فقال لهم أنتم أصحابي ويأتي على آخر الزمان أناس هم إخواني وأخبر بأنهم يستمسكون بدينهم كأنهم ممسكين بجمرة من نار فكيف أجمع بين الحديث أن لهم أجر خمسين صحابيا وبين الحديث الذي ذكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فضل الصحابة فقال لاتسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ماعادل نصف مد أحدهم أو نصيفه أفيدوني. جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى الترمذي وأبوداود وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ..فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم. وفي رواية: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم. وروى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان في الأمة من هو أفضل من بعض الصحابة. والذي عليه جمهور أهل العلم أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حجر في فتح الباري: ومحصل النزاع يتمحض فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة كما تقدم، فإن جمع مختلف الأحاديث المذكورة كان متجها على أن حديث للعامل منهم أجر خمسين منكم لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة، لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة. وأيضا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل، فأما ما فاز به من شاهد النبي صلى الله عليه وسلم من زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد.. .
فتحصل أن المراد ـ والعلم عند الله ـ هو أن من عمل عملا كان الصحابة يعملون مثله ينال عليه أجرا مضاعفا خمسين ضعفا عما كان يناله الصحابة، والسبب في هذا أن الصحابة كانوا يجدون على الخير أعوانا، وهؤلاء لا يجدون على الخير أعوانا كما ورد في الأثر.
والله أعلم.