السؤال
هل يجوز أن يرى الخاطب مخطوبته من قبل أن يوافق أهلها عليه؟.. وهل يجوز أن يراها أكثر من مرة وما مدى مايراه منها ؟
هل يجوز أن يرى الخاطب مخطوبته من قبل أن يوافق أهلها عليه؟.. وهل يجوز أن يراها أكثر من مرة وما مدى مايراه منها ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة وغلب على ظنه أنها ستوافق عليه، فإنه يندب له أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، كما في المسند وسنن أبي داود عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله: "إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفعل". زاد أبو داود قال جابر: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها.
وفي المسند وسنن الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنظرت إليها؟" قلت: لا، فقال: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".
ولا يشترط في ذلك إذنها، ولا إذن أوليائها عند جمهور أهل العلم اكتفاء بإذن الشارع، ولعموم الأخبار في ذلك مثل حديث جابر المتقدم.
وللخاطب أن يكرر النظر حتى يحصل المقصود، فإن حصل وجب عليه أن يكف عن النظر إليها. لأنها ما زالت أجنبية عليه حتى يعقد عليها عقدا صحيحا، وإنما أبيح له النظر إليها للحاجة فيتقيد بها. واختلف الفقهاء فيما يباح للخاطب رؤيته ممن أراد خطبتها ، فذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يجوز له أن ينظر إلى الوجه والكفين ، وذهب داود الظاهري إلى جواز نظر الخاطب لجميع بدن المخطوبة ، وهو توسع زائد، بل إن بعضهم صرح برجوع داود عنه ، وهو الأليق به لعلمه وورعه. وذهب الأوزاعي إلى جواز نظر الخاطب إلى مواضع اللحم منها ، وأجاز بعض الحنفية جواز النظر إلى الرقبة والقدمين بالإضافة إلى الوجه الكفين، وأجاز بعض الحنابلة نظر الخاطب إلى ستة مواضع هي : الوجه والرأس والرقبة واليد والقدم والساق، وقالوا لأن الحاجة داعيه إلى ذلك ولإطلاق الأحاديث ، والراجح والله أعلم أن جواز النظر مقصور على الوجه والكفين فقط ، ذلك لأن الشارع أراد بهذه الرخصة دفع الضرر وإزالة الجهالة عن الخاطب في مخطوبته ، وذلك متحقق بالنظر إلى الوجه الدال على الجمال أو ضده ، وإلى اليدين اللتين تدلان على خصوبة الجسد أو عدمها ، فيكتفي بهما عما سواهما.
وينبغي التنبيه إلى أن جواز النظر إلى من يريد نكاحها مشروط - عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة - بأن يكون الناظر إلى المرأة مريدا نكاحها ، وأن يرجو الإجابة رجاء ظاهرا ، أو يعلم أنه يجاب إلى نكاحها ، أو يغلب على ظنه الإجابة ، واكتفى الحنفية باشتراط إرادة نكاحها فقط ، والإرادة هنا هي : العزم والإصرار لامجرد التشهي. والله أعلم.