السؤال
يقوم بعضهم -دون الرجوع لكبار العلماء- بالحكم على كثير من القضايا بأنها بدعة، فنرجو منكم توضيح معنى الحديث: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) مع أمثلة من حياتنا اليومية.
يقوم بعضهم -دون الرجوع لكبار العلماء- بالحكم على كثير من القضايا بأنها بدعة، فنرجو منكم توضيح معنى الحديث: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) مع أمثلة من حياتنا اليومية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمقرر عند أهل العلم أن العبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر لم يرد به نص من الشرع، ففعله، والتقرب به إلى الله، من البدع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد. رواه مسلم.
ومن أجمع التعريفات للبدعة قول الإمام الشاطبي في الاعتصام: فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه، قال الشاطبي في بيان هذا التعريف: قوله في الحد: (تضاهي الشرعية) يعني: أنها تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون في الحقيقة كذلك، بل هي مضادة لها من أوجه متعددة، منها: وضع الحدود، كالناذر للصيام قائما لا يقعد.
ومنها: التزام الكيفيات، والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، وما أشبه ذلك.
ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقات معينة، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته. انتهى.
ومثل هذا اجتماع الناس على قراءة سورة يس مثلا بعد الفجر، ومواظبتهم على ذلك، فأصل العمل، وهو قراءة القرآن، مشروع، وإنما دخلت عليه البدعة من جهة التحديد، واختراع الكيفية.
ومن الضوابط التي وضعها العلماء للبدعة، قولهم: كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له، وعدم المانع من فعله، ففعله الآن بدعة. وهذا يخرج صلاة التراويح، وجمع القرآن:
فالأولى لم يستمر النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها جماعة؛ لوجود المانع، وهو الخوف من أن تفرض.
وأما جمع القرآن، فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعدم وجود المقتضي لذلك، فلما كثر الناس، واتسعت الفتوح، وخاف الصحابة من دخول العجمة، جمع القرآن.
والله أعلم.