السؤال
روى الشهاب عن القشيري أنه مرض له ولد يئس من حياته: فرأى صلى الله عليه وسلم .. في المنام فشكا ذلك إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ عليه آيات الشفاء أو اكتبها في إناء واسقه مما محيت .. ففعل ذلك فعوفي الولد، وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم
1- ويشف صدور قوم مؤمنين ؛؛؛2- وشفاء لما في الصدور ؛؛؛3- فيه شفاء للناس ؛؛؛4- وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين5- واذا مرضت فهو يشفين ؛؛؛6- قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ،،، ..
هل هذا الكلام صحيح أم هو من اختراع أحدهم؟ وهل له ما يماثله في الحديث النبوي الصحيح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الألوسي هذا الخبر في كتابه روح المعاني، ولكنه ذكر أنه رأى ربه في المنام وليس الرسول صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك عند قوله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين {الإسراء: 82}.
قال: وآيات الشفاء ست وهي: ويشف صدور قوم مؤمنين {التوبة: 14}. وشفاء لما في الصدور {يونس: 57}. فيه شفاء للناس {النحل: 69}. وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين {الإسراء: 82}. قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء {فصلت: 44}.
قال السبكي: وقد جربت كثيرا، وعن القشيري أنه مرض له ولد أيس من حياته فرأى الله تعالى في منامه فشكى له سبحانه ذلك فقال له: اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه أو اكتبها في إناء واسقه ما محيت به، ففعل فشفاه الله تعالى... وقد اختلف العلماء في جواز نحو ما صنعه القشيري عن الرؤيا وهو نوع من النشرة وعرفوها بأنها أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه، فمنع ذلك الحسن والنخعي ومجاهد وروى أبو داود من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال: هي من عمل الشيطان.
وأجاز ذلك ابن المسيب، والنشرة التي قال فيها ما قال هي النشرة التي كانت تفعل في الجاهلية وهي أنواع: منها ما يفعله أهل التعزيم في غالب الأعصار من قراءة أشياء غير معلومة المعنى، ولم تثبت في السنة أو كتابتها وتعليقها أو سقيها، وقال مالك: لا بأس بتعليق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى على أعناق المرضى على وجه التبرك بها إذا لم يرد معلقها بذلك مدافعة العين...
وأما هل ورد في السنة ما يماثل ذلك؟ فنقول: الوارد في السنة هو الاستشفاء بالقرآن والاسترقاء به بنفثه أو نفخه، كما في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، وأما كتابته في إناء وغسله بالماء فلم يرد، وقد اختلف في ذلك أهل العلم كما ذكر الألوسي، وقد علمت أقوالهم وأدلتهم، والأولى للمسلم والأحوط له في دينه أن يلتزم ما جاءت به السنة، وفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما القصة الواردة، فإنه لا يثبت بها حكم شرعي، لأنه على افتراض صحتها وثبوتها فالمنامات والأحلام ليست من مصادر التشريع، وإنما يستانس بها إن صادفت أمرا مشروعا، كما قال أهل العلم، فالدين قد كمل لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: اليوم أكملت لكم دينكم... في حجة الوداع. ومن أحدث فيه ما ليس منه فهو رد عليه، كما في صحيح مسلم.
والله أعلم.