السؤال
ما الحكم في أعمال الخير مثل طباعة مصاحف، وبناء مساجد، وكفالة أيتام بمال قرض؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان القرض ربويا فقد بينا أن المال الخبيث لا يصلح أن يتقرب به إلى الله، وذلك في الفتوى رقم: 33360، ولا يجوز الاقتراض لذلك، كما في الفتوى رقم: 49729.
ومن كانت لديه أموال مكتسبة من حرام فيجب عليه التخلص منها وصرفها في مصالح المسلمين العامة ومن ذلك بناء المساجد، كما قال النووي رحمه الله، ولكن ليس على سبيل التقرب، وإنما بنية التخلص من الحرام فقط، وهو مثاب على فعله ذلك وتركه للحرام وتخلصه منه، وانظر الفتوى رقم: 39719.
مع التنبيه إلى أن تلك الأعمال هي من البر الذي رغب فيه الشارع الحكيم ووعد عليه بالثواب والخير العميم، فكفالة الأيتام من أعظم القربات، كما في الفتوى رقم: 33985، وكذلك نشر الكتب والمصاحف فإنها من الصدقة الجارية، كما بينا في الفتوى رقم: 12366.
ولكن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، كما في الحديث الصحيح عند مسلم وغيره، فلا يتقرب إليه من الأعمال إلا بما أحل وشرع ولا من الأموال إلا بما طاب.
وأما إذا كان القرض غير ربوي، أي أنك اقترضت قرضا حسنا لعمل تلك الأعمال فلا حرج في ذلك، وقد بينا فضل تلك الأعمال فيما أحيل إليه، والأولى عدم الاقتراض لذلك إن لم يكن للمقترض ما يفي بالسداد، لأن الدين أمره عظيم وقد قرن في بعض الأحاديث بالكفر وإن كان فيها كلام، قال السندي: إن قرانهما في الذكر يقتضي قوة المناسبة بينهما في المضرة كما فهم الرجل.... وذلك لأن الدين يمنع دخول الجنة مثل الكفر حتى يقضى عن المدين دينه. انتهى منه بتصرف.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يصلي على من عليه دين حتى يقضى عنه، ثم كان هو صلى الله عليه وسلم يقضي عن المدين ويصلي عليه. فالدين لا ينبغي تحمله إلا عند الحاجة إليه.
والله أعلم.