تب إلى الله فأنت أقوى من الشيطان

0 192

السؤال

أعاني من مشكلة وأود أن تساعدوني بإيجاد الحل بالله عليكم أنا متزوج منذ ثلاث سنوات ورزقني الله بطفل أحب زوجتي وطفلي ولكني أمارس الاستمناء والذي أدمنت عليه قبل زواجي ولمدة طويلة ولكن بصورة أقل أطلب التوبة من الله في كل مرة وأعزم على أن لا أعود إلى ذلك استعملت كل الطرق لمنع نفسي من العادة مثل معاقبة نفسي بالصيام إذا عدت إليها أو قراءة القرأن أو إخراج صدقة وغير ذلك الكثير كل هذه القوة من الإرادة تختفي عندما تسنح لي الفرصة لأكون وحدي في البيت وكأني إنسان آخر فطورت طرقا جديدة مثل النظر إلى الجارات وحتى أيضا التعري وكذلك الاتصال بفتيات على الهاتف وأتكلم معهن بصورة وقحة كي أمارس الاستمناء إني اعتذر على وقاحتي ولكني أحس أني مريض فهل أنا مريض فعلا وهل هناك مجال لتوبتي مع أني أعرف أني سأعود إلى ذلك مرة أخرى وهل صلاتي تقبل إني على حافة الانهيار الشيطان لعنه الله يوسوس لي بأن أترك الصلاة لأنه لا فائدة مني أنقذوني وأيقظوني بالله عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فإن العادة السرية فعل قبيح وهي حرام شرعا سيما في حق المتزوج الذي لا تلجئه إليها الضرورة ولا تدعوه إليها حاجة وانظر الفتوى رقم: 7170.

وقد بينا بعض الوسائل المعينة بإذن الله تعالى على ترك تلك العادة والابتعاد عنها كما في الفتاوى التالية: 22083، 9195، 23935.

ثم إن الأقبح من ذلك والأسوأ التطلع إلى عورات الجيران، ذلك الفعل الذي عف عنه أصحاب الجاهلية حتى قال عنترة العبسي:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي    حتى يواري جارتي مأواها

وقال الثاني:

يبين الجار حين يبين عني    ولم تأنس إلي كلاب جاري

وتظعن جارتي من جنب بيتي    ولم تستر بستر من جداري

وتأمن أن أطالع حين آتي    عليها وهي واضعة الخمار

كذلك هدي آباي قديما    توارثه النجار عن النجار

وكان من أسوإ ما يعير به لديهم هذا الفعل، فكيف بالمسلم الذي يعلم حرمة النظر إلى عورات المسلمين سيما الجيران لما للجار من حقوق عظيمة لخصها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن! قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه. أي شروره. متفق عليه واللفظ للبخاري.

وكذلك أيضا الحديث مع الفتيات الأجنبيات وممارسة الاستمناء بالحديث معهن كما بينا في الفتوى رقم: 621، والفتوى رقم: 26694.

وكل هذا من سوء عاقبة الإدمان على المحرمات والإصرار عليها مهما خفت أو صغرت، فإن الشر يجلب بعضه بعضا، والشيطان يتدرج مع ابن آدم في ذلك حتى يصل به إلى الكفر والعياذ بالله.

فاتق الله سبحانه وتعالى، ولير منك صدق النية في التوبة، فإذا علم منك ذلك تاب عليك وغفر ذنبك، كما قال:  ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا {الإسراء: 25}. وقال: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم {الأنفال: 70}.

فلا تمل ولا تقنط: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.

واعلم أن الله يريد بك الخير ما دمت تجاهد نفسك وتتوب، ولكن إياك أن تستسلم لوساوس الشيطان فتزل قدمك بل تب إلى الله توبة نصوحا، وإن غلبتك نفسك الأمارة بالسوء فعدت إلى الذنب ثانية فتب أيضا توبة صادقة وسيتوب الله عليك كما قال: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون {آل عمران: 135}.

وشروط التوبة الإقلاع عن المعصية والندم عليها والنية ألا تعود إليها، فإذا تحققت تلك الشروط فأبشر بتوبة الله عليك، وإن عدت فتب أيضا، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وانظر الفتوى رقم: 59137، والفتوى رقم: 1909.

وما ذكرته من مجاهدتك لنفسك ومعاقبتها بالصيام أو الصدقة يدل على صدق نيتك ورغبتك في الخير، وقد كان السلف يفعلون ذلك فيلزمون أنفسهم ببعض الأعمال الشاقة على النفس عند فعل المعصية أو ترك الطاعة كما أثر عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: ألزمت نفسي وعاهدت الله أن أتصدق بدينار كلما فاتتني صلاة في جماعة فانتظمت في الجماعة وما فاتتني صلاة لحب الدراهم.

واعلم أن الصلاة من الوسائل المعينة على ترك المنكرات، كما قال تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون {العنكبوت: 45}.

ولكن لا بد أن تكون تلك الصلاة صحيحة كاملة بهيئتها وخشوعها وفي أماكنها ألا وهي المساجد ومع جماعة المسلمين، وننصحك بالابتعاد عن كل ما يدعوك إلى فعل تلك المعاصي وتجنب الخلوة وابحث عن الرفقة الصالحة واشغل نفسك بالطاعة.

وعلى كل فإنك قد علمت داءك وتعلم علاجه، ومن علم الداء سهل عليه الدواء، وما بيناه لك سيعينك بإذن الله إذا التزمت به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات