السؤال
أريد أن أسأل عن شخص يريد الذهاب إلى الحج وهو يتعامل بالربا من فترة طويلة والآن بقي عليه دين فماذا يفعل بعد عودته من الحج، وهل حجه صحيح وجائز أم لا؟
أريد أن أسأل عن شخص يريد الذهاب إلى الحج وهو يتعامل بالربا من فترة طويلة والآن بقي عليه دين فماذا يفعل بعد عودته من الحج، وهل حجه صحيح وجائز أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى أوجب الحج على كل مسلم مستطيع، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها، وكون الشخص يتعامل بالربا، أو متلبسا بغيره من المحرمات لا يسقط عنه وجوب الحج، وإنما يسقطه العجز المادي أو البدني، فكل من كانت لديه الاستطاعة وجب عليه أداؤه.
والديون التي بذمة الشخص لا تسقط عنه ذلك الوجوب، إلا إذا لم يبق عنده بعد الوفاء بها ما يمكنه من الحج، ولا فرق بين الديون الربوية وغيرها.
وأما الحج بالمال الحرام فقد اختلف في صحته وإجزائه، فمذهب الجمهور أنه صحيح ومجزئ ولكن صاحبه آثم، وذهب الإمام أحمد إلى عدم صحته، وعدم إجزائه لأن الله تعالى لا يقبل إلا طيبا.
ثم إننا ننصح السائل الكريم بأن يتقي الله تعالى، ويتوب إليه، ويتخلص من الربا فإنه من أكبر الكبائر، وأبشع الجرائم حتى يرجع من حجه ـ إن قدر له ـ مغفورة ذنوبه، ممحوة سيئاته.
ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من حجه كيوم ولدته أمه".
وفيهما أيضا: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
وقد فسر الحج المبرور بأنه: الذي لم يخالطه شيء من الإثم.
وأما ماذا يفعل الإنسان بعد عودته من الحج؟
فالواجب على المسلم في كل حين، وعلى كل حال سواء بعد حجه، أو قبله، أن يمتثل أوامر الله تعالى ويجتنب نواهيه، ويقف عند حدوده، وأن يستقيم على ذلك حتى يأتيه الموت قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [آل عمران: 102]. وقال: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) [الحجر: 99].
وإذا وفق الإنسان للاستقامة بعد الحج كان ذلك دليلا على أن حجه مبرور، فقد قال بعض العلماء: إن الحج المبرور المذكور في الحديث هو الذي تظهر ثمرته على صاحبه، بأن يكون حاله بعده خيرا من حاله قبله. فنسأل الله لنا وللجميع التوفيق والإعانة على الاستقامة. والله أعلم.