السؤال
لي أخت أقيم أنا وهي مع والدي... ظهرت عليها علامات بلوغ الفتاة وبشكل ملفت للنظر.. وملابسها تبدي تفاصيل من جسدها... سواء في المنزل أو خارجه... والدي يتجاهلان المسألة.... قمت بنصحها أولا وكلمت والدتي في موضوعها... لما لم تستجب عنفت أختي وأحرقت ما بخزانتها من ملابس غير محتشمة.. ثار أبي وعنفني وطردني من البيت ولكنني رجعت وأصبحت أعيش كالغريب بينهم لا يكلمني أحد منهم وإن أطلقت عليهم السلام و لازالت أختي تلبس نفس الألبسة سبب المشكلة أنا أواظب على الدعاء لهم بالهداية، ولكن ما يزعجني هو مقاطعة أبي وأمي لي وأخشى على نفسي من غضبهم وسخط الله، علما بأنني حاولت التواصل معهم دون نتيجة، فبم تنصحون؟ جزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله سبحانه وتعالى نهى النساء عن التبرج فقال: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى {الأحزاب:33}، وأمر نساء المؤمنين بالحجاب فقال سبحانه: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين {الأحزاب:59}. ونهى سبحانه نساء المؤمنين أن يبدين زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن وإمائهن ونسائهن، إلا ما ظهر من الزينة، قال سبحانه: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن {النور:31}.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن المتبرجات من أشد الناس عذابا يوم القيامة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا.
وعليه؛ فما تفعله أختك هو في الحقيقة خطأ كبير، وعلى والديها أن لا يقروها عليه، ولكنك أنت أيضا قد أخطأت في حرقك كل ما في خزانتها من ملابس غير محتشمة، وخصوصا إذا كنت تعلم أن ذلك سيثير غضب أبويك، وكان من واجبك أن تنصحها برفق وتبين أمرها لوالديك دون تعنيف ولا تشدد، أما الآن وقد صار أمر والديك إلى ما ذكرت، فالواجب عليك هو الاعتذار لهما عما صدر منك، ومواعدتهما أنك لن تعود إلى مثله أبدا.
واعلم أن بر الوالدين من آكد الواجبات، وعقوقهما من أكبر المعاصي، قال الله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان:14-15}، وقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23-24}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين... الحديث متفق عليه.
ولو وسطت بينك وبين أبويك بعض الخيرين أو بعض الصالحين لإزالة ما بينك وبينهما وإصلاح العلاقة التي ساءت فإنه يرجى أن يحصل الوفاق.
والله أعلم.