السؤال
شيخنا الفاضل لقد حصل تعارف بين صاحب لي وبين فتاة عن طريق الإنترنت وهما الآن يريدان الزواج من بعضهما وهناك بعض الأسئلة حول هذا الموضوع أولها: كيف يمكن لهما الزواج وهو لا يستطيع السفر لبلدها لأسباب سياسية وهي ربما على الأغلب لا تستطيع السفر مع محرم لأن أخوتها يريدون لها الزواج من داخل البلد ولربما يعارضون ذلك، وعلما بأنها فتاة أبوها متوفى وهي مطلقة وهي تسكن مع أمها فقط, فهل يجوز لها أن تسافر إليه بقصد الزواج منه؟
أما سؤالي الثاني: صاحبي يقول إنه قام بمحادثة هذة الفتاة هاتفيا وأرسلوا لبعضهم صورا للتعارف فما حكم ذلك، وهو يقول أيضا إنه كان على علاقة بها لمدة طويلة كان يتحدث ويكتب لها عن أمور الدين ويعلمها, لأنها كانت تلبس لباسا غير شرعي ولا تغطي رأسها ولم تكن تصلي ولكنها الآن وبعون الله أصبحت تصلي وتحافظ على صلاتها والسنن وتتحشم بلباسها وتغطي رأسها وهي تملك من الإيمان الكثير، ولكن كانت في غفلة ولم تكن تدرس أحكام الدين وكانت لا تثق بالشيوخ لحادثة ما حصلت معها على حد قولها، فما حكم التحدث إليها أو مراسلتها عن طريق الإنترنت ضمن أحكام الآداب والشرع أو ضمن التحدث إليها عن كيفية وطريقة زواجهما أو ما بعد الزواج، وأخيرا أرجو منك النصيحة لهما عن كيفية سلوك الطريق الصحيح؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجوز له أن يوكل من ينوب عنه لمباشرة العقد وعمل ذلك، ثم يبحث عن محرم يرافقها إليه، ولا يصح أن تسافر إليه قبل العقد إلا إذا كان معها وليها؛ إذ لا يصح نكاحها بدون إذن وليها سواء أكانت مطلقة أم غير مطلقة، ولكن إذا عضلها الولي عن الكفء فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي ليتولى أمرها، وأما أن تذهب إليك دون محرم وتعقد دون إذن وليها فلا يجوز ذلك ولا يصح.
فإذا تيسر موافقة أوليائها وأوصلها أحدهم إليك أو وكلت من ينوبك في العقد ووجدت لها محرما يرافقها إليك فينبغي أن تتزوجها وفاء بوعدك لها إذا كانت ذات خلق ودين، كما أن في ذلك إعفافا لها وإعانة لها على الالتزام.
وأما إذا لم يتيسر ذلك كأن يرفض الأولياء، فينبغي أن تبحث عن غيرها، ولا يجوز أن تقدم على محرم فتنكحها دون إذن أوليائها أو ترغبها في السفر دون محرم معها، وانظر الفتوى رقم: 741، 6219، 13604.
وأما المحادثة عن طريق الشات أو غيره لأجل الدعوة فقد بينا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: 65753، والأولى أن يتولى دعوة النساء نساء، كما بينا في الفتوى رقم: 5271.
وأما الحديث معها عن الزواج وكيفيته فلا حرج فيه ولكن ينبغي أن يكون ذلك بقدر وحد، فإنه أبيح على خلاف الأصل للحاجة إليه مثل النظر فلا يتعدى بالحاجة محلها ولا بالرخصة خارج حدها، فلا يجوز الاسترسال في ذلك واتخاذه وسيلة لبث أحاديث الغرام ومطارحة الهوى مثل ما هو واقع ومشاهد، وينبغي أن تعلم أن الذي يحاسبك هو الله الذي يعلم السر وأخفى: ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم {المجادلة:7}.
واعلم أن المرء ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله يسجلان عليه ذلك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فاتق الله سبحانه وتعالى ولا تفعل إلا ما أذن لك فيه شرعا، وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 1072.
والله أعلم.