السؤال
لي زوج مقعد بسبب بتر رجله بسبب مرض السكري عافاكم الله وهو الآن بالمستشفى بصدد القيام بعملية لبتر ساقه الثانية (ادعوا له بالشفاء)، وكل ذلك بسبب استخفافه بالعلاج وعدم التقيد بتعليمات الطبيب فأجد نفسي بعض الأحيان أتوجه إليه بكلام يمكن أن يجرحه، ولكنه لمصلحته فأجده يغضب علي فأخاف عندها من أن لا أكون من الصابرين ويضيع أجر الصبر في الأيام الفارطة وأكون ممن قال فيهم الله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) {الكهف: 104}، وأصل إلى حد المرض من هاجس الخوف من غضب الله وضياع الأجر، فأسألكم من صالح دعائكم وأن تفيدوني في مسألتي؟ وجزاكم الله عني وعن المسلمين كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان في ترك زوجك الالتزام بما أمر به الطبيب ما يسبب ضررا عليه، فلا يجوز له مخالفته لما في ذلك من تعريض نفسه للموت، وقد قال الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم {النساء:29}، ففي حاشيتي قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي: إذا كان به جرح يخاف منه التلف وجب -أي التداوي-. انتهى.
وجاء في تحفة المحتاج من كتبهم: إذا علم الشفاء في المداواة وجبت. انتهى، ونصيحتك له في هذه الحالة مطلوبة طلبا مؤكدا، لأن حفظ النفس ضرورة من الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها، فيكون من ترك نصحه مع القدرة عليه قد فرط فيما أمر به وفي الحديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر: وقوله: (لا يسلمه) أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه، وقد يكون ذلك واجبا وقد يكون مندوبا بحسب اختلاف الأحوال، وزاد الطبراني: ولا يسلمه في مصيبة نزلت به. انتهى.
ولكن يجب أن يكون نصحك له في ثوب الأدب والود والرحمة، فإن حق الرجل على زوجته عظيم، وراجعي الفتوى رقم: 27266.
أما إن ثبت عدم وجود ضرر في ترك استعماله بعض الأدوية ولو مع مشقة متحملة، فهو بالخيار بين استعمالها أو تركها، وبما أن المعلوم عن مرض السكري أنه يهلك صاحبه إن فرط في علاجه، فيجب على زوجك أن يأخذ بأسباب السلامة، وعليك أن تعينيه على ذلك بالقول والعمل ما استطعت، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 28045، والفتوى رقم: 29957، والفتوى رقم: 35549.
والله أعلم.