السؤال
أريد أن أسأل عن حال شخص يعمل في المركز العمومي للأنترنت يدخل الناس عنده ويبحرون حيث شاءوا ولا يوقفهم إلا أن يرى صورا خليعة أو ما شابه لكن لو دخلوا إلى مواقع كفر (ويكون الكفر في هذه المواقع غير ظاهر ) غالبا لا ينبه إلى ذلك . ما حكم هذا الشخص ؟ وماذا لو جلست يوما في أحد مراكز الأنترنت وسمعت شخصا لا يظهر عليه التدين كفتاة متبرجة تقول لصاحب المركز أريد أن أنسخ ملفا ما فيقول له "لديك الحق في ذلك" وقد يكون هذا الملف فيه من الحرام ما لا يجوز نسخه فيكون قد أحق الباطل وأنا لا أدري محتوى الملف. السؤال هل هذا المجلس من المجالس التي يجب مغادرتها كما في قوله تعالى :" وقد نزل عليكم في الكتاب ....." ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإنترنت له جوانب إيجابية نافعة وله جوانب سيئة عديدة. وقد يستطيع الإنسان أن يضبط تعامله معه إذا كان الأمر مقصورا على خاصة نفسه وأهله.
وأما من يعمل في مركز عمومي للإنترنت حيث يدخل الصالح والطالح، والمستقيم والمنحرف، والباحث عن الفضيلة، والمبتلى بحب الرذيلة، فليس من شك في أن التحكم في ذلك أمر بالغ المشقة، عسير المنال.
ولو استطاع العامل في المركز أن يتحكم في رواده، وأن يحول بينهم وبين كل موقع فاسد، وصفحة هابطة، وحوار محرم، فالقول بالجواز حينئذ لا يستراب فيه.
وأما أن يكون العامل إذا دخل الناس عنده إلى مواقع كفر لا ينبه إلى ذلك ولا يمنعهم منه، فلا يشك عاقل في أن عمله فيه حينئذ يكون غير مباح، لأن الساكت على المنكر شريك في الإثم. فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وروى أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه.
كما أنه ليس من شك في أن الجلوس في مثل هذه الأماكن بالنسبة لمن لا يغير مناكرها حرام. فقد رفع إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوم يشربون الخمر فأمر بضربهم، فقيل له: إن فيهم فلانا صائما، فقال: ابدؤوا به ثم قال:أما سمعت قوله تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم { النساء: 140}.
نسأل الله أن يعصمنا من الزلل في القول والعمل، وأن يثبتنا على صراطه المستقيم.
والله أعلم.