من اشترى سلعة وأخذ منها لنفسه ثم باعها بالسعر الأصلي

0 180

السؤال

يوجد هنا في بعض مدن أمريكا ما يسمى بسوق المزارعين حيث يتم بيع صناديق الفاكهة والخضراوات بأسعار الجملة، وحيث أن الكميات المباعة تكون أكثر من الاحتياج الشخصي أو العائلي لذلك تم تخصيص مكان في السوق للأفراد لتقسيم الصناديق فيما بينهم. مثال مثلا يأتي الشخص فيشتري الصندوق بعشرين دولارا ثم يقسمه أربعة أجزاء فيأخذ جزءا ويبيع الأجزاء الأخرى بخمسة عشر. وبعض الأفراد يربح عن طريق بيع الأجزاء المتبقية بالسعر الأصلي للصندوق (العشرون دولارا) وبذلك يكون قد أخذ جزءه مجانا. سؤالي هو : هل الصورة الثانية فيها غش أو تدليس للمشترين؟ حيث إني أشتري الصندوق من بائع الجملة ثم أخذ ما أريده منه ثم أقسم الباقي إلى أجزاء أبيعها بالسعر الأصلي للصندوق وفي بعض الأحيان قد أبيعها بسعر أعلى من السعر الأصلي لو كنت اشتريتها بسعر مخفض من البائع. وقد يسألني بعض المشتريين عن السعر الأصلي للصندوق فأذكر السعر الأصلي الصحيح بغير ذكر أني قد أخذت جزءا منه لي. ولكني أريد أن أذكر هنا أني عندما أبيع تكون الكمية المباعة محددة أمام أعين المشتري وسعرها محدد، ولكن الذي جعلني أشك في هذه المعاملة هو أن بعض المشترين يظن أني أقسم الصندوق وليس أني أبيعه. وإذا كانت المعاملة فيها تدليس فكيف أكفر عن ما أكلته أو كسبته حيث إني لا أستطيع أن أصل إلى من أشترى مني وإن استطعت أن أصل إلى بعضهم لا أذكر المبالغ التي دفعوها ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في البيع والشراء الإباحة، قال تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا {البقرة:275}، وقال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم{النساء:29}. والربح في البيع والشراء جائز، وليس له حد لا تحل مجاوزته ولو كان أضعاف رأس المال.

وعليه.. فما ذكرته من الربح الذي يستفيد منه بعض الناس، بحيث تكون الحصة التي يأخذها من الفاكهة والخضراوات قد استفادها مجانا، أو ربما أنه يبيع الجزء بأكثر مما اشترى به الصندوق كله، لا حرج فيه.

ولكن لا ينبغي للمسلم أن يكون جشعا أنانيا، لا يهمه في تجارته إلا الجانب المادي فقط، وإنما ينبغي أن يكون الجانب الخلقي في صدارة اهتماماته وأهدافه، فيراعي العامة في بيعه لهم وشرائه منهم، وفي كل معاملاته. وليجعل دائما نصب عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

وأما ما ذكرته من أنه قد يسألك بعض المشترين عن السعر الأصلي للصندوق فتذكر السعر الأصلي، ولا تذكر أنك قد أخذت جزءا منه لك، فهو في الحقيقة غش. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليس منا . أخرجه مسلم عن أبي هريرة. وكذا الحال إذا كان من المعروف عند الناس أن من اشترى مثل شرائك لا يأخذ شيئا لنفسه، فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا .

فواجب إذا أن تتوب من هذا الأمر، ومن تمام توبتك أن تخير المشترين في إمضاء البيع أو رده بعد إعلامهم بالسعر الصحيح، أو تستحلهم منه بالنسبة لما فات من البيوع.

وإذا لم تستطع الوصول إليهم، فعليك أن تتصدق بما ترى أنه يمكن أن يرضى به كل منهم لو عرف الثمن الصحيح، وتكون الصدقة بنية أن الأجر له هو، فإن ظهر هو أو وارثه بعد ذلك فأخبره أنك كنت تصدقت بهذا المال عنه، فإن أمضى ذلك فذلك المطلوب، وإن لم يمضه أعطيته له، وكان أجر الصدقة لك.  

والله أعلم .  

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة